التخلص منه مع الحصول على عنوان الخير في الإنفاق منه ، مما يمكن أن يذكركم الناس به ، في الوقت الذي تنطلق فيه دوافعكم بعيدا عن الخير ، لأنكم لا تقبلون أن تأخذوا هذا المال من الآخرين في عطائهم لكم (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) وتتسامحوا في صفاته ، بعدم التدقيق بألوان الرداءة في خصائصه الذاتية من خلال الظروف التي تفرض عليكم أخذه.
لقد أراد الله أن يوحي لهؤلاء بأن ذلك ليس من شأن الإيمان به تعالى ، لأن الإنفاق في هذه الصورة ، لا يمثل روح العطاء المنفتحة على القيم الروحية المستمدة من محبة الله ورضاه ، بل يمثل وجها من وجوه التخلّص من المال الخبيث بعنوان الإنفاق من باب اللعب على القيم ومخادعة النفس في ذلك.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) فليس عطاؤكم الذي يدعوكم إليه بالإنفاق من أموالكم الطيبة في سبيله منطلقا من حاجته إليكم ، فالمال ماله ، وأنتم ملكه ، وهو الغني عنكم ، الحميد في كل صفات الحمد في ذاته ، ولكنه يريد بذلك صلاحكم وإصلاح أموركم في حياتكم الاجتماعية القائمة على العطاء والتكافل الاجتماعي الذي يكفل فيه الناس بعضهم بعضا ، فيعطي كل واحد منهم ما يملكه للآخر ، تماما كما لو كان مسئولا عنه بشكل خاص ، لأن المجتمع في نظر الإسلام بمثابة عائلة واحدة ، أو جسد واحد ، فإذا تألم منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.
* * *
الله هو الرازق لعباده
وينطلق القرآن ليعلّل ذلك بأنه من خدع الشيطان وأضاليله التي يسوّل