أضعاف ما أنفقتموه ، وهو الذي بيده خزائن السماوات والأرض. هذا بالإضافة إلى أن الإنفاق هو الحسنة التي يغفر الله ذنوب العاملين بها ، وبهذا يحصل لهم العفو عن ذنوبهم والزيادة في أموالهم ، ولذلك ، ينبغي للمنفق أن لا يستريح للشيطان في ما يأمره به من إنفاق الخبيث وترك الطيّب ، وفي ما يوحي إليه من الشح والبخل ، ثم يذكر له أن الله غنيّ عن الإنسان في ما يأمره وفي ما ينهاه ، فإن المصلحة في ذلك له من دون أن يزيد في ملكه شيئا مهما قلّ.
(وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) فالله واسع الفضل والملك ، فلا يضيق عليه أيّ رزق أو عوض مما يمنحه لعبده من الخيرات جزاء لعمله الخيّر ، عليم بكل ما تكنّه صدورهم وما يقومون به من عمل في طاعة الله أو في معصيته.
وجاء في الدر المنثور : أخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن للشيطان لمّة بابن آدم وللملك لمة : فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشرّ وتكذيب بالحق ، وأمّا لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك ، فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فليتعوّذ بالله من الشيطان ، ثم قرأ : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) (١).
وقد جاء في حديث الصدوق بسنده إلى أبي عبد الرحمن قال : قلت لأبي عبد الله (جعفر الصادق عليهالسلام) : إني ربما حزنت ، فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد ، وربما فرحت ، فلا أعرف في أهل ولا مال ولا ولد ، فقال : إنه ليس من أحد إلا ومعه ملك وشيطان ، فإذا كان فرحه كان دنوّ الملك منه ، وإذا كان حزنه كان دنوّ الشيطان منه ، وذلك قوله الله : تبارك
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ٢ ، ص : ٦٥.