رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل ، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ، ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته ، وما يضمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين ، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه ، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل والعقلاء ، هم أولو الألباب ، الذين قال الله تبارك وتعالى : (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (١).
وفي هذه الأحاديث نوع من الإيحاء التفصيلي بالجانب الفعلي للحكمة في حركة المعرفة من خلال المفردات العملية والفقهية والتجارب العملية ، وفي قاعدتها الإنسانية في قيمة العقل في تأثيره في تصورات الإنسان وممارساته ، مما يجعل من الحكمة قوّة في العقل وحركة في المعرفة وانفتاحا على توازنات الواقع.
(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) فإن الله يعلم ما ينفقه العبد من النفقات ، وما ينذره من النذور التي يتقرب بها إلى الله ، فيعطيه أجره على ذلك (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) ... أما الظالمون الذين يظلمون أنفسهم بالبخل والشح الذي يعتبر معصية لله في ما يمنعونه من مال الله الذي آتاهم ويظلمون الفقراء والمساكين في ما يأكلونه من حقوقهم التي جعلها الله لهم ، أما هؤلاء ، فلا نصير لهم في الدنيا والآخرة ، لأن الله لا ينصر التائهين عن هداه ، والمنحرفين عن طريقه.
وقد يستوحي الإنسان من ذلك ، أن قضية الإنفاق هي قضية حق اجتماعي عام للمحرومين على القادرين من الأغنياء لا بد لهم من أن يؤدوه إليهم كما يؤدّى الحق إلى صاحبه ، وهذا ما تدل عليه الآية الكريمة (وَفِي
__________________
(١) الكافي ، ج : ١ ، ص : ١٢ ، روآية : ١١.