في قول الله عزوجل : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) قال : ليس من الزكاة ، وصلتك قرابتك ليس من الزكاة (١).
وفي رواية العياشي بسنده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فقال : هي سوى الزكاة ، إن الزكاة علانية غير سرّ(٢).
* * *
(وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ)
وهنا تلتفت الآية إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لتخفف عنه بعض الحالات السلبية التي قد تطوف في خاطره وهو يشاهد بعض أوضاع المؤمنين من حوله ، إذ ينحرفون عن الخط الذي يأمرهم به وينهاهم عنه من شؤون الإنفاق ، فقد كان يريد من المؤمنين أن يرتفعوا إلى مستوى إيمانهم في الانضباط والسير على هدى الله في جميع أمورهم. فأراد الله أن يضع له القضية في مكانها الطبيعي ، من أن دور النبي هو أن يفتح لهم أبواب الهدى ، ويهيئ لهم أجواء الفلاح ، وتنتهي مهمته عند استنفاد كل الأساليب في ذلك. وتبقى للأسباب الأخرى الخارجة عن إرادة رسول الله واختياره ، نتائجها السلبية والإيجابية في ما تقتضيه من حالات الهدى والضلال ... وهذا هو مدلول نسبة هدايتهم إلى الله ، باعتبار ارتباط الأسباب العادية للأشياء بخالقها ومسبّبها ، مما يوحي أن هذه النسبة لا تمنع نسبتها إلى العباد من حيث إنهم
__________________
(١) الكافي ، ج : ٣ ، ص : ٤٩٩ ، رواية : ٩.
(٢) م. ن. ، ج : ٣ ، ص : ٥٠٢ ، رواية : ١٧.