(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) لأنكم ـ أنتم ـ الذين تحصلون على نتائجه في الدنيا والآخرة ، وليس لله من ذلك شيء ، لأن الغني عنكم وعن كل عباده (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) فهو الذي ينبغي أن يتوجه الناس إليه في صدقاتهم وفي كل أعمالهم ، لأنه ـ هو ـ الذي يملك المصير كله والثواب كله ، فله الأمر ، فلا بد للعباد من اتباع مواقع رضوانه للحصول عليه (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) في وجوه البر (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أجره كاملا غير منقوص (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) ، فإن الله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى ، فالله لا يظلم أيّ عبد من عباده حقا من حقوقه التي يستحقّها من خلال ما جعله له من ذلك في وعده له بالثواب على العمل الصالح ، ولا ينقص منه شيئا.
* * *
المستحقون للنفقة
ولكن من هم هؤلاء الذين يستحقون الإنفاق ، في ما يدعو إليه الله من الإنفاق في سبيله ، هل هم الذين لا يتركون مجالا للمسألة إلا وانطلقوا فيه ، ممن تحوّل السؤال عندهم إلى مهنة للتعيش ، الأمر الذي قد يجعل من هذا التشريع تشجيعا للبطالة والامتناع عن العمل والإخلاد إلى الراحة في الكسب السهل؟
أو هم الذين ضاقت بهم سبل العيش بعد أن سلكوا ما قدروا عليه منها ، فلم يحصلوا من ذلك على نتيجة ، ووقفوا أمام ما لا يقدرون عليه منها عند حدود العجز؟ أو الذين فرضت عليهم ظروف الالتزام بالإسلام الخروج من ديارهم ، والابتعاد عن مواقعهم الطبيعية فيها للكسب الحلال بفعل ضغط