وربّما كان ترتيب آيات الربا إلى جانب آيات الإنفاق في سبيل الله ، من أجل الإيحاء بالجو الطيّب الطاهر الذي يعيشه الإنسان المتصدّق في مشاعر الخير المنسابة مع مشاعر الإيمان في إنسانيتها الباحثة أبدا عن مواقع الخير في حياة الناس الذين يحتاجون إلى الإعانة والهداية والقوة والتسديد. فقد يشعر الإنسان الذي عاش أجواء الانحراف ، بالحاجة إلى أن يعيش الأجواء الأخرى التي توحي له بالتغيير من ناحية الإحساس المرهف الجديد الذي يتنفسه في تلك الأجواء.
ولعلّ هذا الأسلوب القرآني يمثّل الطريقة العملية الروحية للهداية من خلال المقارنة بين النموذجين بالكلمة ، مما يوحي بالحاجة إلى المقارنة بينهما في حركة الواقع في الحياة ، كما يمكن الاستفادة من ذلك في حركة الفن التمثيلي المسرحي الذي يحاول أن يعرض صورة الإنسان الطيب الذي يعيش روح العطاء والرحمة إزاء الآخرين ، إلى جانب صورة المرابي الشرير الذي يتغذى على آلام الآخرين ويتاجر بمآسيهم ، حيث يتمثل لنا الوجه المشرق الجميل للإنسان في مقابل الوجه المظلم البشع له ، وذلك في الأجواء التربوية التي نريد إثارتها أمام الأجيال الطالعة من وحي القرآن الكريم.
والآن لا بد لنا من وقفة قصيرة مع الربا ، ما شأنه؟ وما هي مضارّه الأخلاقية والاجتماعية؟ وما هي كلمات المدافعين عنه؟ ثم الانطلاق بعد ذلك في وقفات متنوعة مع الآيات الكريمة في أسلوب تفسيري تفصيلي ...
* * *