الربا في سلبياته الأخلاقية والاجتماعية
الربا ، هو الزيادة والنمو للأشياء ، ويراد به هنا ، بيع المتماثلين جنسا وكمية بزيادة في أحدهما ، أو إقراض مال بزيادة مادية عينية ، كإقراض عشرة في مقابل خمسة عشر أو بزيادة معنوية أو حكمية ، كإقراض عشرة بعشرة بشرط صياغة خاتم أو خياطة ثوب ، ولكل منهما حكمه المتنوع في تفاصيله في كتب الفقه مما لا شأن لنا به الآن ...
أمّا مضارّه الأخلاقية ، فقد أراد الله للإنسان أن يتفاعل مع أخيه الإنسان ، لا سيّما إذا كان أخاه في الإيمان ، وذلك بأن يصنع المعروف إليه في ما يحتاجه من شؤون العيش وفي ما يواجهه من مشاكل الحياة ، فيشاركه آلامه وهمومه ويحاول أن يخففها عنه بالكلمة والبسمة والحركة والعمل ، لتنفتح الحياة الإنسانية على البعد الروحي الذي يغني إنسانية الإنسان ويرفع من مستواها الروحي ، فلا تعود العلاقات مجرّد مبادلات تجارية تقوم على استغلال فرص الربح في كل شيء مهما كانت الأوضاع والظروف ، وترتكز على قاعدة المنفعة المادية ، بل يبقى لله حساب في داخل هذه العلاقات ، بحيث يفكر الإنسان بالثواب من عنده وبالعمل على الحصول على رضاه ، بعيدا عن رضا طرف العلاقة الآخر وعدم رضاه ، مما يجعل التضحية مكسبا ، والخسارة المادية ربحا. فنحن نعطي ، لأن الله هو الذي يدفع لنا الثمن من ثوابه في الدنيا والآخرة ، ونحن نتجاوز الربح ، لأن الله هو الذي يعوّضنا عنه ثوابا مضاعفا في مستقرّ رحمته.
وقد أطلق الإسلام هذه الروح في اتجاهين :
الأول : اتجاه العطاء الذي لا يبحث عن البدل حتى في الحساب