مجال لها إلّا الاستقراض الدائم على حساب حاجاتها الحيوية وعزتها وكرامتها. وهذا ما نواجهه في كثير من الأوضاع السياسية والاقتصادية للشعوب الضعيفة التي تعيش تحت ضغط الشركات الاحتكارية في العالم. وفي هذا يقول الدكتور شاخت ، الخبير الاقتصادي المعروف ، في ما ينقله عنه صاحب تفسير الكاشف ، في محاضرة ألقاها في دمشق عام ١٩٥٣ م : «يمكننا بعملية رياضية أن نعلم أن جميع المال في الأرض سوف ينتهي إلى عدد قليل جدا من المرابين ، وذلك أن الدائن المرابي يربح دائما في كل عملية ، بينما المدين معرّض للربح والخسارة ، ومن ثم فإن المال كله في النهاية لا بد أن يصير إلى الذي يربح دائما ، وهذه النظرية في طريقها إلى التحقيق الكامل ، فإن معظم ملاك المال يملكه بضعة آلاف ، أمّا جميع الملّاك وأصحاب المصانع الذين يستدينون من البنوك والعمال وغيرهم ، فليسوا سوى أجراء ، يعملون لحساب أصحاب المال ، ويجني ثمرة كدّهم أولئك الآلاف ..» (١).
* * *
شبهات حول تحريم الربا
ربما يطرح إنسان بعض الأفكار حول تحريم الربا.
١ ـ إن الزيادة في القرض حق للمرابي ، لأن المال الذي يدفعه للمقترض يتيح له الفرصة للعمل وللربح ، تماما كما هو حال صاحب الدار الذي يتيح لمستأجر فرصة الانتفاع بالسكنى ، فيأخذ الأجرة في مقابل ذلك ،
__________________
(١) مغنية ، محمد جواد ، التفسير الكاشف ، دار العلم للملايين ، ط : ٤ ، حزيران ١٩٩٠ ، م : ١ ، ص : ٤٣٥.