فالقضية في مجملها ، هي أن تكون الزيادة في مقابل المنفعة ، فكيف يكون ذلك أكلا للمال بالباطل؟ ونجيب على ذلك ، بأنّ المنفعة في الدار هي أمر حقيقي قائم بالدار ، وهي ملك لصاحبها كما هي الدار ملك له ، فيستحق العوض عليها من مستثمرها الذي لا يتحمل أيّة مسئولية في ما يحدث للدار إذا لم يكن هناك اعتداء من قبله ، فإذا تلف شيء من الدار من دون تعدّ ولا تفريط ، فإن المالك هو الذي يتحمله وحده ، أما رأس المال في القرض ، فإن العامل يتحمل مسئوليته ، بالإضافة إلى الزيادة ، من دون أن يتحمل صاحب المال شيئا ، فهو رابح دائما ، بينما يكون العامل معرّضا للربح والخسارة ، مما يعني أن القضية ليست انتفاعا بمال الآخرين في مقابل أجرة ، بل القضية هي الانتفاع بماله الذي يتملكه بالقرض في مقابل ضمانه له وتحمّله لمسؤوليته ، مما يجعل بين الأمرين فرقا كبيرا.
٢ ـ إن الزيادة المأخوذة في معاملة الربا ، ليست زيادة في الحقيقة ، بل هي تعويض لصاحب المال عن الخسارة الطارئة بسبب ضعف القوّة الشرائية للعملة على مرور الزمن. وربما تكون الخسارة أكثر من التعويض ، كما نشاهده في العملات التي تهبط إلى أكثر من النصف ، بينما تكون الزيادة بنسبة خمسة بالمائة أو أكثر أو أقل قليلا ، وذلك من خلال الأوضاع الاقتصادية المرتبكة.
ونجيب على ذلك : أن القضية إذا كانت على هذا الأساس ، فكيف نصنع بالحالة الاقتصادية التي تساهم في رفع سعر العملة ، فهل يتوقف الدائن عن طلب الزيادة ، أم يظل على موقفه في حالة الزيادة والنقصان؟ إن فكرة التعويض لا تنسجم مع طبيعة قانون الربا الذي لا يراعي الدقّة في هذا الجانب في ما يفرضه من زيادة ثابتة في جميع الأحوال.
هذا مع ملاحظة مهمة ، وهو أن الواقع الربوي يتحرك في تحديد الزيادة