الناس ليس عنوانا بسيطا يمكن تحريكه في المبادرات الفردية أو الاجتماعية في تقديم العطاءات المادية الخيرية للفئات المحرومة في المجتمع على أساس مسئولية الناس عن بعضهم البعض في مسألة التكافل الاجتماعي ، لأن ذلك لن يساهم في أيّ حلّ متوازن للمشكلة الاقتصادية التي تتمثل في تعقيدات عملية الإنتاج والتوزيع والتنظيم الدقيق لحركة تداول الثروة وتحريكها في الداخل والخارج وما يتفرع عنها من النظرة الواقعية العادلة في دراسة المسألة الطبقية على مستوى التقارب بين الطبقات أو إلغاء الفوارق بينها ، وغير ذلك من العناوين الكلية والجزئية في الساحة الاقتصادية.
وفي ضوء ذلك ، فإن المشروع الإسلامي الاجتماعي في استحباب الإنفاق على أساس نظام الصدقات الفردية أو المبادرات التطوعية في هذا النشاط الاجتماعي أو ذاك ، لا يمثل الخطة الاقتصادية التي لا بد فيها من شمولية النظرة إلى الواقع لتحديد نوع المشكلة وحجمها وامتداداتها فيه ، ومن التخطيط العملي للحلول العملية من خلال القوانين التفصيلية الموضوعة لتحقيق الهدف الكبير ، بل يمثل نوعا من أنواع الحركة الاجتماعية التي يتداخل المجتمع فيها في علاقات أفراده ببعضهم البعض من أجل إيجاد البنية الاجتماعية القومية الصلبة التي تمثل القاعدة الإنسانية الواسعة في تكوين الهيكلية الشعبية في حلّ المشاكل الطارئة السريعة ، وفي مواجهة الحالات المعقدة التي لا تملك الدولة معالجتها في نطاق مرحلي ، أو في المستوى الخاص الذي قد لا يحقق للفرد حاجاته الخاصة والعامة ، بحيث لا تقف الدولة حائرة أمام ذلك ، كما لا يواجه الناس المشكلة من دون الحصول على حلّ ، وبهذا يتميز التنظيم الإسلامي للمجتمع عن ألوان التنظيم الأخرى التي تعطي الدولة المركزية المطلقة في المسألة الاقتصادية ، لتكون للدولة دائرتها القانونية في التخطيط العام للمشكلة من خلال الحلول العملية التي تقدمها في التقنين التشريعي ، وليكون للمجتمع دوره في مسئوليته الأخلاقية الدينية