قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) فإن العمل السيئ الذي يكسبه الإنسان بسوء اختياره ، قد يترك تأثيرا سلبيا على قلبه وعقله ، فيمنعه من وضوح الرؤية كما هو الغشاء الذي يحدث للعين فيمنعها من الإبصار. وهذا ما توحيه كلمة الرّين ، وهو عبارة عن الصدأ الذي يعلو الشيء ، فكأن المعصية تتحول إلى صدأ يطفو على القلب ، فلا يستطيع معرفة الخير والشر ، في ما تثيره من مفاهيم ضبابية تمنع العقل من الانفتاح على حقيقة الأمور ، وقد ورد في أصول الكافي ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تذاكروا وتلاقوا وتحدّثوا ، فإن الحديث جلاء للقلوب ، إن القلوب لترين كما يرين السيف ، وجلاؤها الحديث» (١).
وقد جاء في الحديث المعروف عنه : «أن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد ، قيل : يا رسول الله وما جلاؤها؟ قال : قراءة القرآن وذكر الموت» (٢).
وقد جاء في أصول الكافي بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام قال : «ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنبا ، خرج في النكتة نكتة سوداء ، فإن تاب ذهب ذلك السواد ، وإن تمادى في الذنوب ، زاد ذلك السواد حتى يغطّي البياض ، فإذا تغطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عزوجل : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٣).
وروى في الدر المنثور هذا المعنى عن عدة من أصحاب الجوامع عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤).
وقد جاء عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان أبي عليهالسلام يقول : ما شيء
__________________
(١) الكافي ، ج : ١ ، ص : ٤١ ، رواية : ٨.
(٢) الطبرسي ، مستدرك الوسائل ، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث ، ط : ٣ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ٢ ، ص : ١٠٤ ، باب : ١٧ ، رواية : ١٥٤٨.
(٣) الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٢٧٣ ، رواية : ٢٠.
(٤) انظر : الدر المنثور ، ج : ٨ ، ص : ٤٤٥ ـ ٤٤٦.