الودّ لهم ، فهو يتودّد إليهم بكل وسائل الودّ ، حتى لو تنكروا له ، كما جاء في الدعاء : «الحمد لله الذي تحبب إليّ وهو غنيّ عني» (١) ، «وتتودّد إليّ فلا أقبل منك كأن لي التطوّل عليك ثم لم يمنعك ذلك من الرحمة لي والإحسان إليّ والتفضل عليّ بجودك وكرمك»(٢).
(ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) فهو صاحب الملك في ما توحي به كلمة العرش ، من العلوّ والرفعة والسيطرة المطلقة ، وهو صاحب المجد من خلال كماله في ذاته وفي صفاته (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ، فإذا أراد شيئا فعله ، فهو الذي يريد ويختار ويخلق ويقضي ويدبّر الأمر كله ، فلا حدّ لإرادته ، ولا حدود لفعله إلا في ما لا تتعلق به إرادته.
* * *
وقفة مع طواغيت التاريخ
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ* فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) هل عرفت من خلال هذا الحديث ، كيف كان الطغاة في الأرض ، المستكبرون فيها ، المستبدون بحكمها ، في ما يملكون من قوّة البطش ، وكيف أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر؟ فأمّا فرعون الذي بلغ به الغرور أن قال : أنا ربكم الأعلى ، فكان أن أغرقه الله وجنوده في البحر ، وأبقى المستضعفين من بني إسرائيل بقيادة موسى عليهالسلام ليكونوا ورثة الأرض من بعده.
وأمّا ثمود فقد أهلكهم الله فلم يبق منهم أحدا ، وأنجى نبيّه صالحا الذي عانى الكثير من تكذيبهم ، والمؤمنين الذين وقفوا معه ضدّ قومهم وأهلهم.
وهذا لون من ألوان الإرادة الإلهية الحاسمة التي لا يعجزها شيء في
__________________
(١) مفاتيح الجنان ، دعاء أبي حمزة الثمالي ، ص : ٢٢٢.
(٢) (م. ن) ، دعاء الافتتاح ، ص : ٢١٦.