البحث
البحث في كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الإعتقاد
عقدها. والدليل عليه أن الإمامة لما عقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ولم يتأنّ لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصحابة في الأقطار ، ولم ينكر عليه منكر ، ولم يحمله على التريث حامل. فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة ، لم يثبت عدد معدود ، ولا حدّ محدود ، فالوجه الحكم بأن الإمامة تنعقد بعقد واحد ، من أهل الحلّ والعقد.
ثم قال بعض أصحابنا : لا بد من جريان العقد بمشهد من الشهود ؛ فإنه لو لم يشترط ذلك ، لم نأمن أن يدعي مدع عقدا سرا متقدما على الحق المظهر المعلن. وليست الإمامة أحط رتبة من النكاح ، وقد شرط فيه الإعلان ، ولا يبلغ القطع ، إذ ليس يشهد له عقل ، ولا يدل عليه قاطع سمعي ، وسبيله سبيل سائر المجتهدات.
فصل
ذهب أصحابنا إلى منع عقد الإمامة لشخصين في طرفي العالم. ثم قالوا : لو اتفق عقد عاقدي الإمامة لشخصين لنزل ذلك منزلة تزويج وليين امرأة من زوجين ، من غير أن يشعر أحد بعقد الآخر. ثم التفصيل فيه من فن الفقه. والذي عندي فيه أن عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط والمخالف غير جائز ، وقد حصل الإجماع عليه. وأما إذا بعد المدى وتخلل بين الإمامين شسوع النوى فللاحتمال في ذلك مجال ، وهو خارج عن القواطع.
فصل
من انعقدت له الإمامة بعقد واحد فقد لزمت ، ولا يجوز خلعه من غير حدث وتغير أمر ، وهذا مجمع عليه. فأما إذا فسق وفجر ، وخرج عن سمت الإمامة بفسقه ، فانخلاعه من غير خلع ممكن ، وإن لم يحكم بانخلاعه ، وجواز خلعه ، وامتناع ذلك ، وتقويم أوده ممكن ما وجدنا إلى التقويم سبيلا ، وكل ذلك من المجتهدات عندنا فاعلموه.
وخلع الإمام نفسه من غير سبب محتمل أيضا. وما روي من خلع الحسن عليهالسلام نفسه فذلك ممكن حمله على استشعاره عجزا من نفسه ، ويمكن حمله على غير ذلك.
فصل
في شرائط الإمامة
من شرائط الإمام أن يكون من أهل الاجتهاد ، بحيث لا يحتاج إلى استفتاء غيره في الحوادث وهذا متفق عليه. ومن شرائط الإمامة أيضا أن يكون الإمام متصديا إلى مصالح الأمور وضبطها ، ذا نجدة في تجهيز الجيوش وسد الثغور ، وذا رأي حصيف في النظر للمسلمين. لا ترعه هوادة نفس