تخبروني؟» يعني قوله (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء.
وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، ورواه عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة بن الزبير ، وقال عطية العوفي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي والحسن البصري ونقله البغوي عن سعيد بن جبير وقتادة ، وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي في جوف المدينة هو المسجد الذي أسس على التقوى ، وهذا صحيح. ولا منافاة بين الآية وبين هذا ، لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بطريق الأولى والأحرى ، ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا» تفرد به أحمد (١).
حديث آخر قال الإمام أحمد (٢) : حدثنا وكيع ، حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجلان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال الآخر هو مسجد قباء ، فأتيا النبي صلىاللهعليهوسلم فسألاه فقال : «هو مسجدي هذا» تفرد به أحمد أيضا.
حديث آخر قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ليث عن عمران بن أبي أنس عن سعيد بن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، فقال أحدهما هو مسجد قباء ، وقال الآخر هو مسجد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «هو مسجدي هذا» تفرد به أحمد.
طريق أخرى قال الإمام أحمد (٤) : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا ليث حدثني عمران بن أبي أنس عن ابن أبي سعيد عن أبيه أنه قال : تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، فقال رجل هو مسجد قباء ، وقال الآخر هو مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «هو مسجدي» (٥) وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث وصححه الترمذي ورواه مسلم كما سيأتي.
__________________
(١) المسند ٥ / ١١٦.
(٢) المسند ٥ / ٣٣١.
(٣) المسند ٣ / ٨٩.
(٤) المسند ٣ / ٧.
(٥) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٩ ، باب ١٤ ، والنسائي في المساجد باب ٨.