مجلسك ، ثم يرى القبر فكأنما كانت رقدة ، وإذا كان عدو الله نزل به الموت وعاين ما عاين ، فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا ، والله يبغض لقاءه ، فإذا جلس في قبره أو أجلس ، فيقال له : من ربك؟ فيقول : لا أدري ، فيقال : لا دريت ، فيفتح له باب إلى جهنم ثم يضرب ضربة تسمعها كل دابة إلا الثقلين ، ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش». قلت لأبي هريرة : ما المنهوش؟ قال : الذي تنهشه الدواب والحيات ، ثم يضيق عليه قبره ، ثم قال : لا نعلم من رواه إلا الوليد بن القاسم.
وقال الإمام أحمد (١) رحمهالله : حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء ، يعني بنت الصديق رضي الله عنها ، تحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم قالت : قال : «إذا دخل الإنسان قبره ، فإن كان مؤمنا أحف به عمله الصلاة والصيام ، قال : فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ومن نحو الصيام فيرده ، قال : فيناديه اجلس فيجلس ، فيقول له : ماذا تقول في هذا الرجل ، يعني النبي صلىاللهعليهوسلم؟ قال : من؟ قال : محمد ، قال : أشهد أنه رسول الله ، قال : وما يدريك ، أدركته؟ قال : اشهد أنه رسول الله ، قال : يقول على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث وإن كان فاجرا أو كافرا جاءه الملك ليس بينه وبينه شيء يرده فأجلسه ، فيقول له : ماذا تقول في هذا الرجل؟ قال : أي رجل؟ قال : محمد؟ قال : يقول : والله ما أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ، قال له الملك : على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ، قال ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط ، ثمرته جمرة مثل غرب البعير ، تضربه ما شاء الله ، صماء لا تسمع صوته فترحمه».
وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة ، فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات مشوا مع جنازته ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك؟ فيقول : ربي الله ، فيقال له : من رسولك؟ فيقول : محمد صلىاللهعليهوسلم ، فيقال له : ما شهادتك؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فيوسع له في قبره مد بصره ، وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة فيبسطون أيديهم ، والبسط هو الضرب ، (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) عند الموت ، فإذا أدخل قبره أقعد ، فقيل له : من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئا ، وأنساه الله ذكر ذلك ، وإذا قيل : من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئا كذلك (يُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) (٢).
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي حدثنا شريح بن مسلمة ، حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد البجلي عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)
__________________
(١) المسند ٦ / ٣٥٢ ، ٣٥٣.
(٢) انظر تفسير الطبري ٧ / ٤٥١.