(وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) : أي جبالا رواسي ثوابت لا تسير ولا تتحرك مثبتة للأرض كي لا تميد بأهلها.
(وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (١) : أي وأنبتنا في الأرض من كل صنف من أنواع النباتات حسن.
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) : أي جعلنا ذلك تبصرة وذكرى منا لكل عبد منيب إلى طاعتنا رجاع إلينا.
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) : أي ماء المطر كثير البركة.
(فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) : أي أنبتنا بماء السماء بساتين وحب الحصيد أي المحصود من البر والشعير.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) (٢) : أي وأنبتنا بالماء النخيل الطوال العاليات.
(لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) : أي لها طلع منضد متراكب بعضه فوق بعض.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) : أي أنبتنا ما أنبتنا من الجنات والحب الحصيد والنخل الباسقات قوتا للعباد ورزقا لهم مؤمنهم وكافرهم.
(وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) : وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة ميتا لا نبات فيها من الجدب الذي أصابها والقحط.
(كَذلِكَ الْخُرُوجُ) : أي كما أخرجنا النبات من الأرض الميتة بالماء نخرجكم أحياء من قبوركم يوم القيامة بماء ننزله من السماء على الأرض فتنبتون كما ينبت البقل.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث وهي العقيدة التي بني عليها كل إصلاح يراد للإنسان بعد عقيدة الإيمان بالله تعالى ربّا وإلها قال تعالى (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا (٣) إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ (٤) بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) أي أعمي أولئك المنكرون للبعث المكذبون بلقاء ربهم يوم القيامة فلم ينظروا بعيونهم معتبرين بعقولهم إلى حجم السماء الواسع العالي الرفيع الكائن فوقهم وقد رفع بلا عمد ولا سند. وقد زيّنه خالقه بكواكب نيّرة وأقمار منيرة وشموس مضيئة ولم ير في السماء
__________________
(١) (مِنْ) ليست للتبعيض بل هي للتأكيد إلا أن زيادتها مع الإثبات نادرة كما هي هنا.
(٢) لا يقال للطويل : باسق إلا إذا كان طوله في علو وارتفاع أما ما يكون طوله في امتداد وانبساط فلا يقال له باسق.
(٣) الاستفهام للإنكار عليهم عدم النظر لتقرر به عقيدة البعث والجزاء ، والفاء تفريعية على إنكارهم السابق للبعث الآخر.
(٤) (فَوْقَهُمْ) ظرف في محلّ الحال ، وأطلق البناء على خلق العلويات بجامع الارتفاع والاستمساك وعدم السقوط والانهيار.