من تصدع ولا شقوق (١) ولا تفطر الحياة كلها أليس القادر على خلق السماء قادر على إحياء موتى خلقهم وأماتهم بقدرته أليس القادر على الخلق ابتداء وعلى الإماتة ثانية بقادر على إحياء من خلق وأمات (٢)؟ وقوله (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) أي مالهم لا ينظرون إلى الأرض أي بسطها وألقى فيها الجبال لتثبيتها حتى لا تميد بهم ، وقوله (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) أي صنف من النباتات والزروع بهيج المنظر حسنه ، وقوله (تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) وقوله (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ) (٣) أي أليس الذي أنزل من السماء ماء مباركا لما يكثر به من الخيرات والبركات من النبات والحيوان فأنبت به جنّات أي بساتين من أشجار ونخيل وأعناب ، وأنبت به حب الحصيد وهو كل حب يحصد عند طيبه من قمح وشعير وذرة وغيرها وأنبت به النخل الباسقات العاليات المرتفعات في السماء لها طلعها النضيد المتراكب بعضه فوق بعض ليتحول إلى رطب شهي يأكله الإنسان وقوله رزقا للعباد أي قوتا لهم يقتاتون به مؤمنين وكافرين إلّا أن المؤمن إذا أكل شكر والكافر إذا أكل كفر ، وقوله (وَأَحْيَيْنا بِهِ) أي بالماء الذي أنزلناه من السماء مباركا بلدة ميتا لا نبات بها ولا عشب ولا كلأ فأصبحت تهتز رابية كذلك الخروج أي هكذا يكون خروجكم من قبوركم أيها المنكرون للبعث ينزل الله من السماء ماء فتنبتون وتخرجون من قبوركم كما يخرج الشجر والزرع من الأرض بواسطة الماء المبارك فبأي عقل تنكرون البعث أيها المنكرون. إنها كما قال تعالى (لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث بمظاهر القدرة الإلهية في الكون.
٢ ـ مشروعية النظر والاعتبار فيما يحيط بالإنسان من مظاهر الكون والحياة للعبرة طلبا لزيادة الإيمان والوصول به إلى مستوى اليقين.
٣ ـ فضل العبد المنيب وفضيلة الإنابة إلى الله تعالى والمنيب هو الذي يرجع إلى ربه في كل ما يهمه والإنابة التوبة إلى الله والرجوع إلى طاعته بعد معصيته.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ
__________________
(١) من آيات القدرة والعلم الإلهيين : كون السماء على شكل قبة مرفوعة في قالب لا تشقق فيها ولا تصدع مزينة بأنواع النجوم والكواكب.
(٢) بلى إنه لقادر بلا مرية ولا شك.
(٣) (رِزْقاً) منصوب على أنه مفعول لأجله.