(إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ) : أي كانوا قبل دخولهم الجنة محسنين في الدنيا أي في عبادة ربهم وإلى عباده.
(كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) : أي كانوا في الدنيا يحيون الليل ولا ينامون فيه إلا قليلا.
(وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) : أي وفي وقت السحور وهو السدس الأخير من الليل يستغفرون يقولون ربنا اغفر لنا.
(وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) : أي للذي يسأل والمحروم الذي لا يسأل لتعففه وهذا الحق أوجبوه على أنفسهم زيادة على الزكاة الواجبة.
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) : أي من الجبال والأنهار والأشجار والبحار والإنسان والحيوان دلالات على قدرة الله مقتضية للبعث والموجبة للتوحيد للموقنين أما غير المؤمنين فلا يرون شيئا.
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) : أي آيات من الخلق والتركيب والاسماع والابصار والتعقل والتحرك أفلا تبصرون ذلك فتستدلون به على وجود الله وعلمه وقدرته.
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) : أي من الأمطار التي بها الزرع والنبات وسائر الأقوات وما توعدون من ثواب وعقاب إن كل ذلك عند الله في السماء مكتوب في اللوح المحفوظ.
(فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌ) : إنه لحق أي ما توعدون لحق ثابت.
(مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) : أي إن البعث لحق مثل نطقكم فهل يشك أحد في نطقه إذا نطق والجواب لا يشك فكذلك ما توعدون من ثواب وعقاب.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون في مكة فقال تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي إن الذين اتقوا ربهم فلم يشركوا به ولم يعصوه بترك الواجبات ولا بفعل المحرمات هؤلاء يوم القيامة في بساتين وعيون تجري في تلك البساتين وقوله (آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي ما أعطاهم ربهم من ثواب هو نعيم مقيم في دار السّلام. ثم ذكر تعالى مقتضيات هذا العطاء العظيم والثواب الجزيل فقال (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ) دخولهم الجنة (مُحْسِنِينَ) في الدنيا فأحسنوا نياتهم وأعمالهم اخلصوها لله ربهم وأتوا بها وفق ما ارتضاه وشرعه لعباده بلا زيادة ولا نقصان كما أحسنوا إلى عباده ولم يسيئوا إليهم بقول ولا عمل هذا موجب وآخر أنهم (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما