(وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) : أي وما يتبعون الا ما تهواه نفوسهم وما تميل إليه شهواتهم.
(أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) : أي بل اللإنسان ما تمنّى والجواب لا ليس له كل ما يتمنى.
(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) : أي إن الآخرة والأولى كلاهما لله يهب منهما ما يشاء لمن يشاء.
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ) : أي وكثير من الملائكة في السموات.
(لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) : أي لو أرادوا أن يشفعوا لأحد حتى يكون الله قد أذن لهم ورضى للمسموح له بالشفاعة.
معنى الآيات :
بعد أن ذكر تعالى مظاهر قدرته وعظمته وعلمه وحكمته في الملكوت الأعلى جبريل وسدرة المنتهى وما غشاها من نور الله وما أرى رسوله من الآيات الكبرى ، خاطب المشركين بقوله (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ) (١) (وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) أي أعميتم فرأيتم هذه الأصنام أهلا لأن تسوّى بمن له ملكوت السموات والأرض وعبدتموها معه على حقارتها ودناءتها ، وأزددتم عمى فاشتقتتم لها من أسماء الله تعالى أسماء فمن العزيز اشتققتم العزى ومن الله اشتققتم اللات ، وجعلتموها بنات لله افتراء على الله بزعمكم أنها تشفع لكم عند الله. أخبرونى (أَلَكُمُ الذَّكَرُ) (٢) لأنكم تحبون الذكران وترضون بهم لأنفسكم ، (وَلَهُ الْأُنْثى) لأنكم تكرهونها ولا ترضون بها لأنفسكم ، إذا كان الأمر على ما رأيتم فإنها (قِسْمَةٌ ضِيزى) (٣) أي جائرة غير عادلة وناقصة غير تامة فكيف ترضونها لمن عبدتم الأصنام من أجل التوسل بها إليه ليقضى حوائجكم؟ (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ). إن أصنامكم أيها المشركون لا تعدو كونها أسماء لآلهة لا وجود لها ولا حقيقة في عالم الواقع إذ لا إله إلا الله ، أما اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فلم تكن آلهة تحيى وتميت وتعطى وتمنع وتضر وتنفع. إن هي أي ما هي إلا (أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ
__________________
(١) انتقل الكلام من تقرير النبوة المحمدية إلى تقرير الإلهية الربانية ، واللات أصله : لات فأدخلوا عليه ال فصار اللات ، وهي صنم لثقيف كانت قريش والعرب يعبدونه ، وقيل : هو وصف لرجل كان يلت السوق للحجاج ثم صنع له صنم تمثالا وألهته ثقيف وقريش وجمهور العرب والعزى اسم مشتق من العز وهي فعلى ككبرى : صنم عليه بناء كان بوادي نخلة فوق (ذات عرق) ميقات أهل العراق قريبا من الطائف ومناة : صنم كان لخزاعة كان بالمشلل حذو قديد بين مكة والمدينة وكان الأوس والخزرج يهلون منه ويطوفون به كالسعي بين الصفا والمروة.
(٢) تقديم الجار والمجرور في (أَلَكُمُ الذَّكَرُ) للاهتمام بالاختصاص.
(٣) (ضِيزى) اسم كدفلي وشعرى ، وهو مشتق من ضاز يضيز ضيزا : إذا ظلم وتعدى وبخس وانتقص. قال الشاعر :
ضازت بنو أسد بحكمهم |
|
إذ يجعلون الرأس كالذنب |