سُلْطانٍ) أي لم ينزل بها وحيا يأذن بعبادتها. وهنا التفت الجبار جل جلاله في الخطاب عنهم وقال (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي إن هؤلاء المشركين ما يتبعون في عبادة هذه الأصنام إلّا الظن ، فلا يقين لهم في صحة عبادتها. كما يتبعون في عبادتها (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) أي هوى أنفسهم (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) فبيّن لهم الصراط السوى فأعرضوا عنه وهو الحق من ربهم. وتعلقوا بالأمانى الكاذبة وأن أصنامهم تشفع لهم ، (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) (١) والجواب ليس له ما تمنى ، إذ (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) يعطى منها ما يشاء ويمنع ما يشاءوكم (٢) (مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ) لا يعدون كثرة (لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) من الإغناء ولو قلّ (إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ) أن يشفع من الملائكة وغيرهم ، (وَيَرْضى) عن المشفوع له ، وإلّا فلا شافع ولا شفاعة تنفع عند الله الملك الحق المبين.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ التنديد بالشرك والمشركين وتسفيه أحلامهم لعبادتهم اسماء لا مسميات لها فى الخارج إذ تسمية حجرا إلها لن تجعله إلها.
٢ ـ بيان أن المشركين في كل زمان ومكان ما يتبعون في عبادة غير الله إلا أهواءهم.
٣ ـ بيان أن الانسان لا يعطى بأمانيه ، ولكن بعمله وصدقه وجده فيه.
٤ ـ بيان أن الدنيا كالآخرة لله فلا ينبغي أن يطلب شيء منها إلا من الله مالكها.
٥ ـ كل شفاعة ترجى فهى لا تحقق شيئا الا بتوفر شرطين الأول أن يأذن الله للشافع فى الشفاعة والثانى أن يكون الله قد رضي للمشفوع له بالشفاعة والخلاصة هى : الإذن للشافع والرضا عن المشفوع.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠))
__________________
(١) الاستفهام المقدر بعد أم إنكاري المقصود منه إبطال حصول الإنسان على ما يتمناه.
(٢) هذه الجملة تأكيد لإبطال حصول الإنسان على ما يتمناه وإبطال لاعتقاد المشركين في أن آلهتهم تشفع لهم عند الله عزوجل.