ذلك الى يوم القيامة ويجزيهم به أسوأ الجزاء لأنه كسب من شر المكاسب إنه أذية النبى والمؤمنين أولياء الله ، وفى تنكير قوما يدل على أن بعضهم سيؤمن ولا يعذب يوم القيامة فلا يعذب إلا من مات على الكفر والشرك منهم.
وقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) (١) أي من عمل صالحا فى هذه الحياة الدنيا من إيمان وطاعة لله ورسوله فى أوامرهما ونواهيهما فزكت بذلك نفسه وتأهل لدخول الجنة فإن الله يدخله الجنة ويكون عمله الصالح قد عاد عليه ولم يعد على غيره إن الله غني عن عمل عباده ، وغير العامل لا تطهر نفسه ولا تزكو بعمل لم يباشره بنفسه ، وقوله ومن أساء أي في حياته فلم يؤمن ولم يعمل صالحا يزكي به نفسه ، فجزاء كسبه السيء من الشرك والمعاصى عائد على نفسه عذابا فى النار وخلودا فيها. (٢)
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) أي إنكم أيها الناس بعد هذه الحياة وما عملتم فيها من صالح وسيء ترجعون إلى الله يوم القيامة ويجزيكم كلا بحسب عمله الخير بالخير والشر بمثله.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير التوحيد والبعث (٣) والجزاء والنبوة.
٢ ـ بيان علة الإنعام الإلهى على العبد وهى أن يشكر الله تعالى بحمده والثناء عليه وصرف تلك النعم فى مرضاته تعالى لا فى معاصيه الموجبة لسخطه.
٣ ـ مشروعية التسامح مع الكفار والتجاوز عن أذاهم فى حال ضعف المسلمين.
٤ ـ تقرير قاعدة أن المرء لا يؤخذ بجريرة غيره.
٥ ـ تقرير أن الكسب يؤثر فى النفس ويكون صفة لها وبه يتم الجزاء فى الدار الآخرة من خير وغيره قال تعالى سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم (الأنعام).
__________________
(١) العمل الصالح شرطه الإيمان ولذا ما ذكر العمل الصالح في القرآن إلا والإيمان مقرونا به إلا ما ندر كهذه الآية.
(٢) الخلود في النار خاص بالمشركين والكافرين أما أهل الإيمان والتوحيد فلا يخلدون في النار لحسنة الإيمان والتوحيد.
(٣) هذه الأصول الثلاثة عليها مدار استقامة العبد وجل السور المكية تعالجها فلا تكاد توجد سورة تخلو من تحقيقها والدعوة إليها.