ولا يؤخذوا.
(لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) : أي لا يتوقعون أيام الله أي بالإدالة منهم للمؤمنين فيذلهم الله وينصر المؤمنين عليهم وهم الرسول وأصحابه وهذا قبل الأمر بجهادهم.
(لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) : أي ليجزى تعالى يوم القيامة قوما منهم وهم الذين علم تعالى أنهم لا يؤمنون بما كسبوه من أذى الرسول والمؤمنين.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) : أي فهو الذى يرحم ويسعد به.
(وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) : أي ومن عمل سوءا فالعقوبة تحل به لا بغيره.
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) : أي يعد الموت ويحكم بينكم فيما كان بينكم من خلاف وأذى.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فى هداية قوم النبى صلىاللهعليهوسلم فقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ) (١) تذكير لأولئك المعرضين بالحجج والآيات الدالة على وجوب الإيمان بالله وتوحيده وطاعته فهو تعالى يعرفهم أن ما بهم من نعم هى من الله لا من غيره من تلك الآلهة الباطلة. الله لا غيره هو الذى سخر لكم أي ذلل ويسر وسهل (ما فِي السَّماواتِ) من شمس وقمر ونجوم وسحب وأمطار ورياح لمنافعكم ، وسخر لكم (ما فِي الْأَرْضِ) من جبال وأشجار وأنهار وبحار ومعادن وحيوانات على اختلافها كل ذلك منه (٢) وهو وهبه لكم ، إن فى ذلك المذكور من إنعام الله عليكم بكل ما سخر لكم (لَآياتٍ لِقَوْمٍ (٣) يَتَفَكَّرُونَ) فيهديهم تفكيرهم إلى وجوب حمد الله تعالى وشكره بعد أن آمنوا به ووحدوه فى ربوبيته وألوهيته. وقوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا (٤) يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ (٥) لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). يأمر تعالى رسوله أن يقول لصحابته أيام الخوف فى مكة قبل الهجرة إصفحوا وتجاوزوا عمن يؤذيكم من كفار قريش ، ولا تردوا الأذى بأذى مثله بل اغفروا لهم ذلك وتجاوزوا عنه ، وقد نسخ هذا بالأمر بالجهاد.
وقوله تعالى (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) تعليل للأمر بالصفح والتجاوز أي ليؤخر لهم
__________________
(١) ذكر تعالى في هذه الآيات كمال قدرته وتمام نعمته على عباده وبين أنه خلق ما خلق لمنافعهم.
(٢) منه من ابتدائيه أي جميع ذلك المذكور المسخر من عند الله تعالى ليسر لغيره فيه أدنى شركة وموقع (منه) موقع الحال أي سخر لكم ما سخر حال كونه منه.
(٣) التفكر هو منبع الإيمان واليقين والعقل إذ من فكر عقل ومن عقل آمن ومن آمن أيقن ومن أيقن طلب النجاة من النار والفوز بالجنان بالإيمان وصالح الأعمال بعد ترك الشرك والمعاصي.
(٤) (يَغْفِرُوا) مجزوم لأنه في جواب الأمر (قُلْ) وجائز أن يكون مجزوما بتقدير لام الأمر محذوفة أي ليغفروا.
(٥) جائز أن يراد بأيام الله ثوابه وعقابه أو نصره لأوليائه وإيقاعه بأعدائه. أو البعث الآخر ولقائه.