(لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً) : أي لا يقاتلكم يهود بني النضير مجتمعين.
(إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) : أي بالأسوار العالية.
(أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) : أي من وراء المباني والجدران أما المواجهة فلا يقدرون عليها.
(بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) : أي العداوة بينهم شديدة والبغضاء أشد.
(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) : أي مجتمعين.
(وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) : أي متفرقة خلاف ما تحسبهم عليه.
(بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) : إذ لو كانوا يعقلون لاجتمعوا على الحق ولا ما كفروا به وتفرقوا فيه فهذا دليل عدم عقلهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحديث عن غزوة بني النضير فيقول تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم (أَلَمْ تَرَ) أي تنظر (١) يا رسولنا إلى الذين نافقوا وهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة ومالك ابنا نوفل وسويد وداعس إذ بعثوا إلى بني النضير حين نزل بساحتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحربهم بعثوا إليهم أن اثبتوا وتمنعوا وإن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم غير أنهم لم يفوا لهم ولم يأتهم منهم أحد وقذف الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة «السلاح» هذا معنى قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) (٢) (نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ) في الكفر من أهل الكتاب «يهود بني النضير» (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ) من المدينة (لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ، وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ) أي في نصرتكم والوقوف إلى جنبكم أحدا كائنا من كان (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ) أي قاتلكم محمد صلىاللهعليهوسلم ورجاله (لَنَنْصُرَنَّكُمْ. وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما قالوا لهم وفعلا لم يقاتلوا معهم ولم يخرجوا معهم كما خرجوا من ديارهم. وهو قوله تعالى (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا) (٣) (يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ) وعلى فرض أنهم نصروهم (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) هاربين من المعركة ، (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) اليهود كالمنافقين سواء. وقوله تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) يخبر تعالى رسوله والمؤمنين بأنهم أشد رهبة أي خوفا في صدور المنافقين من الله
__________________
(١) بعد ذكر ما حل ببني النضير من خزي وعذاب حيث اجلوا عن ديارهم تاركينها وراءهم وذكر ما أفاء الله على رسوله من أموالهم شرع تعالى في تعجيب رسوله والمؤمنين من حال المنافقين وما لحقهم من عار وشنار فقال لرسوله صلىاللهعليهوسلم (ألم تر إلى الذين ...) الخ.
(٢) الاستفهام للتعجب والأخوة هي أخوة التلاقي في الكفر وفي بغض الإسلام ورسوله وأهله. فما هي بأخوة نسب ولا دين.
(٣) جملة (لَئِنْ أُخْرِجُوا.). الخ بيان لجمة : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).