ممن فعل هذا.
وقوله تعالى : (إِنْ (١) كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) أي إن كنتم خرجتم من دياركم مجاهدين في سبيلي أي لنصرة ديني ورسولي وأوليائي المؤمنين وطلبا لرضاي فلا تتخذوا الكافرين أولياء من دوني تلقون إليهم بالمودة.
وقوله تعالى (تُسِرُّونَ (٢) إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي تخفون المودة إليهم بنقل أخبار الرسول السرية والحال أني (أَعْلَمُ) منكم ومن غيركم (بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ). وها قد أطلعت رسولي على رسالتكم المرفوعة إلى مشركي مكة والتى تتضمن فضح سر رسولي في عزمه على غزوهم مفاجأة لهم حتى يتمكن من فتح مكة بدون كثير إراقة دم وإزهاق أنفس.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) أي الولاء والمودة للمشركين (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أي اخطأ وسط الطريق المأمون من الانحراف يريد جانب الإسلام الصحيح.
وقوله تعالى : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) أي أنهم أعداؤكم حقا إن يثقفوكم أي يظفروا بكم متمكنين منكم يكونوا لكم أعداء ولا يبالون بمودتكم إياهم ، ويبسطوا إليكم أيدهم بالضرب والقتل وألسنتهم بالسب والشتم وتمنوا كفركم لتعودوا إلى الشرك مثلهم.
وقوله تعالى : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) (٣) الذين واددتم الكفار من أجلهم من عذاب الله في الآخرة إذ حاطب كتب الكتاب من أجل قرابته وأولاده فبين تعالى خطأ حاطب في ذلك.
وقوله تعالى : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) بأن تكونوا في الجنة أيها المؤمنون ويكون أقرباؤكم وأولادكم المشركون في النار. فما الفائدة إذا من المعصية من أجلهم؟! (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فراقبوه واحذروه فلا تخرجوا عن طاعته وطاعة رسوله.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين.
__________________
(١) هذه الجملة شرطية ذيّل بها النهي : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي) والغرض هو تأكيد الكلام السابق.
(٢) الجملة بيانية لسابقتها ، وجملة : (وَأَنَا أَعْلَمُ) حالية فيها معنى التعجب بضميمة التي قبلها.
(٣) (لَنْ تَنْفَعَكُمْ.). الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا إذ الذي يسمع جملة : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) بتطلع إلى ما يترتب على الكفر فيجاب بجملة : لن تنفعهم أرحامهم ولا أولادهم ولو في قوله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) مصدرية أي : ودوا كفركم.