إليهما ولا يستمع الى ندائهما. وقوله تعالى (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) (١) أي منه تعالى حيث سبق فى علمه أن هذا الإنسان لا يهتدي ولو جاءته كل آية فكتب ذلك عليه فهو كائن لا محالة ، وقوله (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) أي وختم تعالى على سمعه حسب سنته فى ذلك فأصبح لا يسمع الهدى ولا الحق كأنه أصم لا يسمع ، وأصبح لا يعقل معانى ما يسمع وما يقال له كأنه لا قلب له ، وأصبح لما على بصره من ظلمة لا يرى الادلة ولا العلامات الهادية الى الحق والى الطريق المستقيم المفضي بسالكه إلى النجاة من النار ودخول الجنة. وقوله تعالى : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) وقد أضله الله تعالى والجواب لا أحد. كقوله تعالى من سورة النحل (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) أي من أضله الله تعالى حسب سنته فى الإضلال وهي أن يدعى العبد الى الحق والمعروف والخير فيتكبر ويسخر ويحارب فترة يصبح بعدها غير قابل لهداية فهذا لا يهديه أحد بعد أن أضله الله تعالى.
وقوله تعالى : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢) أي أفلا تذكرون فتتعظون أيها الناس فتؤمنوا وتوحدوا وتعملوا الصالحات فتكملوا وتسعدوا فى الدنيا وتنجو من النار وتدخلوا الجنة فى الآخرة.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بطلان اعتقاد الكافرين فى أن الناس يحيون ويموتون بلا جزاء على الكسب صالحه وفاسده.
٢ ـ تقرير البعث والجزاء.
٣ ـ موعظة كبيرة فى هذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات إلى آخرها حتى إن أحد رجال السلف الصالح قام يتهجد من الليل فقرأ حتى انتهى الى هذه الآية فأخذ يرددها ويبكى حتى طلع الفجر.
٤ ـ التنديد بالهوى والتحذير (٣) من اتباعه فقد يفضي بالعبد الى ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى فيصبح معبوده هواه لا الرب تعالى مولاه.
٥ ـ التحذير من ارتكاب سنن الضلال المفضي بالعبد إلى الضلال الذى لا هداية معه.
__________________
(١) (عَلى عِلْمٍ) أي أضله الله مع ما عنده من العلم الذي لو خلع عن نفسه الكبر والعناد والميل إلى الهوى لاهتدى ونجا وسعد ولكن أو على علم من الله تعالى بأنه ليس أهلا للهداية كما في التفسير.
(٢) قرأ نافع تذكرون بتشديد الذال وقرأه حفص بتخفيفها الأولى على إدغام إحدى التائين في الذال فشددت والثانية على حذف إحدى التائين فخففت.
(٣) من الكلمات المأثورة في هذا قولهم ثلاث من المهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه.