(فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) : أي الإيمان أي لا يعرفون معناه ولا صحته.
(تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) : أي لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صحيحا وصبيحا ذلق اللسان.
(وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) : أي لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم.
(كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) : أي كأنهم من عظم أجسامهم وترك التفهم وعدم الفهم خشب مسندة أي أشباح بلا أرواح ، وأجسام بلا أحلام.
(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) : أي يظنون كل صوت عال يسمعونه كنداء في عسكر أو إنشاد ضالة عليهم وذلك لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم.
(هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) : أي العدو التام العداوة فاحذرهم أن يفشوا سرك أو يريدوك بسوء.
(قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) : أي لعنهم الله كيف يصرفون عن الإيمان وهم يشاهدون أنواره وبراهينه.
معنى الآيات
قوله تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) لنزول هذه السورة سبب هو أن زيد (١) بن أرقم رضى الله عنه قال كنت مع عمى فسمعت عبد الله بن أبيّ بن سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فذكرت ذلك لعمى فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فأرسل رسولا إلى ابن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فصدقهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذبنى فأصابنى هم لم يصبنى مثله فجلست في بيتي فأنزل الله عزوجل إذا جاءك المنافقون الى قوله الأعز منها الأذل فأرسل الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال إن الله قد صدقك.
قوله (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) أي إذا حضر مجلسك المنافقون عبد الله بن أبي ورفاقه (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وذلك بألسنتهم دون قلوبهم. قال تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ (٢) إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) سواء شهد بذلك المنافقون أو لم يشهدوا. (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) في شهادتهم لعدم مطابقة قولهم لاعتقادهم. (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) أي جعلوا من أيمانهم الكاذبة جنة كجنة المقاتل يسترون
__________________
(١) رواه البخاري في صحيحه والترمذي وغيرهما كانت هذه الحادثة في غزوة بني المصطلق سنة خمس من الهجرة.
(٢) جملة معترضة بين الجملتين المتعاطفتين وفائدة هذا الاعتراض دفع ما قد يتوهمه من يسمع جملة : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) أنه تكذيب لجملة (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ).