(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ) : أي يا رسولنا.
(أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) :
(لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) : أي إيأس من مغفرة الله لهم.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) : أي لأن من سنة الله انه لا يهدى القوم الفاسقين المتوغلين في الفسق عن طاعة الرب تعالى وهم كذلك.
(يَقُولُونَ) : أي لأهل المدينة.
(لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) : أي من المهاجرين.
(حَتَّى يَنْفَضُّوا) : أي يتفرقوا عنه.
(لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ) : أي من غزوة كانوا فيها هى غزوة بنى المصطلق.
(لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) : يعنون بالأعز أنفسهم ، وبالأذل المؤمنين.
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) : أي الغلبة والعلو والظهور.
معنى الآيات
ما زال السياق الكريم في الحديث عن المنافقين فقوله تعالى في الآية (٥) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) وذلك عند ما قال ابن أبى ما قال من كلمات خبيثة منها قوله فى المهاجرين : سمن كلبك يأكلك. وقوله لصاحبه : لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقوله مهددا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز يعنى نفسه ورفاقه المنافقين الأذل يعنى الأنصار والمهاجرين. فلما قال هذا كله وأكثره في غزوة بنى (١) المصطلق وأخبر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاء فحلف بالله ما قال شيئا من ذلك أبدا وذهب فنزلت هذه السورة الكريمة تكذبه.
ولما نزلت هذه السورة بفضيحته جاءه من قال له : يا أبا الحباب «كنية ابن أبي» إنه قد نزل فيك آى شداد فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستغفر لك فلوى رأسه أي عطفه إلى جهة غير جهة من يخاطبه وقال : أمرتموني أن أؤمن فآمنت وأمرتمونى أن أعطى زكاة مالى فأعطيت فما بقى إلا أن أسجد لمحمد صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآيات الثلاث (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا) أي معتذرين (يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ. لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) أي رفضوا العرض (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) عنك (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) والمراد بهم ابن أبي عليه لعائن الله قال تعالى لرسوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) فأيأس رسوله من المغفرة لهم ، وعلل تعالى ذلك بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٢)
__________________
(١) سبب نزول هذه السورة والآيات منها أن النبي صلىاللهعليهوسلم (غزا بني المصطلق على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية قديد إلى الساحل فازدحم أجير لعمر يقال له : جهجاه مع حليف لابن أبي يقال له : سنان على ماء بالمشلل فصرخ جهجاه بالمهاجرين وصرخ سنان بالأنصار فجاء ابن أبي وقال كلماته الخبيثة التي هي في التفسير. ونزلت السورة.
(٢) وهم كل من سبق في علم الله أنه لا يتوب لما أحاط به من الذنوب.