آمنوا به من الإنس والجن (عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) هي أي جهنم يصيرون إليها وينتهون إلى عذابها شرابها الحميم وطعامها الضريع والزقوم ، وقوله تعالى في وصف ما يجري في النار (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) (١) إذا ألقي الكافرون في النار سمعوا لها شهيقا أي صوتا منكرا مزعجا كصوت الحمار إذا شهق أو نهق. (وَهِيَ تَفُورُ) تغلي (٢) (تَكادُ تَمَيَّزُ) (٣) أي تقرب أن تتقطع (مِنَ الْغَيْظِ) الذي هو شدة الغضب وغضبها من غضب الرب مالكها لما غضب الجبار غضبت لغضبه ، وكل مؤمن بالله عارف به يغضب لما يغضب له ربه ويرضى لما يرضى به ربه. وقوله تعالى (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) أي جماعة (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) أي الملائكة الموكلون بالنار وعذابها وهم الزبانية وعددهم تسعة عشر ملكا سألوهم سؤال توبيخ وتقريع لأنهم يعلمون ما يسألونهم عنه (أَلَمْ يَأْتِكُمْ) (٤) (نَذِيرٌ) أي رسول في الدنيا يدعوكم إلى الإيمان والطاعة؟ فيجيبون قائلين (بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) ولكن كذبنا الرسل وقلنا لهم ردا على دعوتهم (ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) أي مما تقولون وتدعوننا إليه (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) (٥) أي وقلنا لهم ما أنتم أيها الرسل إلا في ضلال عقلي وخطأ تصوري كبير. ثم رجعوا إلى أنفسهم يوبخونها بما أخبر تعالى به عنهم في قوله (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) قال تعالى (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً) أي بعدا بعدا من رحمة الله (لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) أي سعير جهنم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء ببيان ما يجري فيها من عذاب وعقاب.
٢ ـ بيان أن تكذيب الرسل كفر موجب للعذاب ، وتكذيب العلماء كتكذيب الرسل بعدهم أي في وجوب العذاب المترتب على ترك طاعة الله ورسوله.
٣ ـ بيان أن ما يقوله أهل النار في اعترافهم هو ما يقوله الملاحدة اليوم في ردهم على العلماء بأن التدين تأخر عقلي ونظر رجعي.
٤ ـ تقرير أن الكافر اليوم لا يسمع ولا يعقل أي سماعا ينفعه وعقلا يحجزه عن المهالك باعتراف أهل النار إذ قالوا (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ).
__________________
(١) قال عطاء الشهيق في الصدور والزفير في الحلق.
(٢) قال حسان :
تركتم قدركم لا شيء فيها |
|
وقدر القوم حامية تفور |
أي تغلي.
(٣) أصل تميز تتميز أي تنقطع وينفصل بعضها عن بعض قيل هذا التغيظ هو من شدة الغيظ على أعداء الله ، وقيل هو من الغليان.
(٤) الاستفهام للتقريع والتوبيخ.
(٥) (إِنْ أَنْتُمْ) إن نافية بدليل الاستثناء بعدها.