(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : أي إنكاري عليهم الكفر والتكذيب والجواب كان إنكارا حقا واقعا موقعه.
(صافَّاتٍ) : أي باسطات أجنحتها.
(وَيَقْبِضْنَ) : أي ويمسكن أجنحتهن.
(ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) : أي حتى لا يسقطن على الأرض حال البسط للأجنحة والقبض لها.
معنى الآيات :
يقول تعالى واعظا عباده ليؤمنوا به ويعبدوه وحده فيكملوا ويسعدوا (أَأَمِنْتُمْ (١) مَنْ فِي السَّماءِ) الذي هو العلو المطلق وهو الله عزوجل في عليائه فوق عرشه بائن من خلقه (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) لتهلكوا كلكم في جوفها (فَإِذا هِيَ) حال الخسف (تَمُورُ) أي تتحرك وتضطرب حتى تغور وفي بطنها والجواب لم يأمنوا ذلك فكيف إذا يصرون على الشرك والتكذيب للرسول وقوله (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ (٢) فِي السَّماءِ) وهو الله عزوجل (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أي ريحا تحمل الحصباء والحجارة فتهلكهم (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أي إنذاري لكم الكفر والتكذيب أي أنه حق وواقع مقتضاه وقوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كعاد وثمود وغيرهما أي كذبوا رسلي بعدما أنكروا عليهم الشرك والكفر فأهلكناهم (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إنكاري لهم كان حقا وواقع المقتضى وقوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا (٣) إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) أي باسطات أجنحتهن ويقبضنها ما يمسكهن في حالة البسط أو القبض إلا الرحمن الذي أنكره المشركون وقالوا وما الرحمن وهم يعيشون في رحمته التي وسعت كل شيء وهي متجلية حتى في الطير تحفظه من السقوط والتحطيم أي أينكرون ألوهية الله ورحمته ولم يروا إلى الطير وهي صافات وقابضات أجنحتها ولا يمسكها أحد من الناس فمن يمسكها إذا؟ إنه الرحمن جل جلاله وعظم سلطانه بما شاء من السنن والنواميس التي يحكم بها خلقه ويدبر بها ملكوته إن أمر المشركين في كفرهم بالله لعجب وقوله (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه يريد أن يصيبكم به إن أصررتم على تكذيبه وتكذيب رسوله. هكذا عقيدة السلف في إثبات صفة العلو لله تعالى ، وأما الخلف فيقولون : أأمنتم من في السماء قدرته وسلطانه وعرشه وملائكته هروبا إلى التأويل حتى لا يصفوا الله تعالى بما وصف به نفسه من العلو الذاتي فما أضل القوم والاستفهام إنكاري أي ينكر عليهم أمنهم م الخسوف بهم وهم قائمون على معاصي توجب لهم ذلك.
(٢) (أَمْ) : هي المنقطعة التي تؤول ببل والاستفهام وهو إنكاري تعجبي ينكر عليهم أمنهم من عذاب الله بإرسال حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط فتهلكهم كما أهلكتهم إذ هم متعرضون لذلك بتكذيبهم وشركهم وكفرهم وحذفت الياء من نذيري ونكيري وهي ضمير المتكلم حذفت تخفيفا.
(٣) الهمزة داخلة على محذوف أي أغفلوا ولم يروا إلى الطير فوقهم حال كونها صافات أجنحتها وتقبضها أحيانا ولم تسقط فتتجلى لهم قدرة الله ورحمته ليؤمنوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا.