القضاء تعطى الكتب فمن آخذ كتابه بيمينه ، ومن آخذ كتابه بشماله فأما من أوتي كتابه الذي ضم حسناته بيمينه فيقول في فرح عظيم هاؤم أي خذوا كتابي فاقرأوه إنه مشرق كله ما فيه سواد السيئات ، ويعلل لسلامة كتابه (١) من السيئات فيقول (إِنِّي ظَنَنْتُ) أي علمت (أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) لا محالة فلذا لم أقارف السيئات وإن قدر علي شيء فقارفته جهلا فإني تبت منه فورا فانمحى أثره من نفسي فلم يكتب علي قال تعالى مخبرا عن آثار نجاحه في سلامة كتابه من السيئات (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ). أي يرضاها لهناءتها وسعة خيراتها (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها) (٢) أي جناها وما يقتطف منها (دانِيَةٌ) أي قريبة التناول ينالها بيده وهو متكيء على أريكته ويقال لهم (كُلُوا وَاشْرَبُوا) من طعام الجنة وشرابها (هَنِيئاً) ويذكر لهم سبب فوزهم فيقول (بِما أَسْلَفْتُمْ) أي قدمتم لأنفسكم (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) أي أيام الدنيا الماضية إذ كانوا مؤمنين صوامين قوامين بالمعروف آمرن وعن المنكر ناهين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء أي الإيمان باليوم الآخر.
٢ ـ آثار الإيمان بالبعث والجزاء ظاهرة في سلامة كتاب المؤمن من السيئات. وقد علل لذلك بقوله إني ظننت أني ملاق حسابي فلذا لم أعص ربي.
٣ ـ إثبات حقيقة هي قول العامة الدنيا مزرعة الآخرة أي من عمل في الدنيا نال ثمار عمله في الآخرة خيرا أو شرا.
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)
__________________
(١) (كِتابِيَهْ) الهاء فيه وفي الأتي بعده هي هاء السكت عند الوقف إلا أنها أبقيت في الوصل والوقف مراعاة للسجع ولعلها تحكي صوت صاحبها يوم القيامة زيادة في التقرير والتوكيد حتى لهجة أحدهم محفوظة لم تتغير.
(٢) القطوف جمع قطف بكسر القاف وسكون الكاف.