القرآن فإنه ثقيل مهيب ذو تكاليف العمل بها ثقيل إنها فرائض وواجبات أعلمه ليوطن نفسه على العمل ويهيئها لحمل الشريعة علما وعملا ودعوة. وقوله (إِنَّ ناشِئَةَ (١) اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) يخبر تعالى معلما أن ساعات الليل من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل القيام فيها يجعل السمع يواطيء القلب على فهم معاني القرآن الذي يقرأه المصلي ، وقوله وأقوم قيلا أي أبين قولا وأصوب قراءة من قراءة الصلاة في النهار. وقوله (إِنَّ لَكَ (٢) فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) يخبر تعالى رسوله بأن له في النهار أعمالا تشغله عن قراءة القرآن فلذا أرشده إلى قيام الليل وترتيل القرآن لتفرغه من عمل النهار وقوله (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) أي داوم على ذكره ليلا ونهارا على أي وجه كان الذكر من تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل. وقوله (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ) أي إلى الله (تَبْتِيلاً) أي انقطع إليه في العبادة إخلاصا له وفي طلب حوائجك ، وفي كل ما يهمك من أمر دينك ودنياك وقوله (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أي هو تعالى رب المشرق والمغرب أي مالك المشرقين والمغربين (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فلا تنبغي العبادة إلا له ولا تصح الألوهية إلا له أيضا وقوله (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) أي من كل ما يهمك فإنه يكفيك وهو على كل شيء قدير.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ الندب إلى قيام الليل وأنه دأب الصالحين وطريق المتقربين.
٢ ـ الندب إلى ترتيل القرآن وترك العجلة في تلاوته.
٣ ـ صلاة الليل أفضل من صلاة النهار لتواطئ السمع والقلب فيها على فهم القرآن.
٤ ـ الندب إلى ذكر الله تعالى بأي وجه من صلاة وتسبيح وطلب علم ودعاء وغير ذلك.
(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ
__________________
(١) الجملة تعليلية للأمر بقيام الليل وترتيل القرآن كأنه قال له قم الليل لأن ناشئته التي تنشئها بعد النوم هي أشد مواطأة أي موافقة بين السمع والقلب لتفهم القرآن وأبين للقرآن عند النطق به.
(٢) إن لك في النهار الجملة تعليلية لاختيار الليل للقيام دون النهار لأن في النهار أعمالا أخرى يقوم بها المرء وجائز أن يراد أن في النهار متسع للصلاة وتلاوة القرآن.