ترجمون بالحجارة أو يخسف بكم.
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) : أي ما أتبع إلا ما يوحيه إليّ ربي فأقول وأفعل ما يأمرني به.
(وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) : أي وما أنا إلا نذير لكم بين الانذار.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في دعوة العرب عامة وقريش خاصة إلى الإيمان والتوحيد فإذا قرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم القرآن دعوة لهم إلى الإيمان والتوحيد قالوا ردّا عليه ما أخبر به تعالى في قوله (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) أي على كفار قريش (آياتُنا بَيِّناتٍ) أي ظاهرات الدلالة واضحات المعاني (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله وبرسوله ولقائه وتوحيده قالوا (لِلْحَقِ) (١) وهو القرآن (لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) بل قالوا ما هو أشنع في الكذب وأبشع في النظر إذ قالوا ما أخبر به تعالى عنهم في قوله (أَمْ يَقُولُونَ (٢) افْتَراهُ) أي بل أيقولون افتاره أي اختلقه وتخرصه من نفسه وليس هو بكلام الله ووحيه إليه. وقوله تعالى (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي على فرض أنني افتريته على الله وقلت أوحي إليّ ولم يوح إليّ وأراد الانتقام مني بتعذيبي ، فهل أنتم أو غيركم يستطيع دفع العذاب عني ، وعليه فكيف أعرّض نفسي للعذاب بالافتراء على الله تعالى ، فهذا لن يكون مني أبدا. وقوله تعالى (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ (٣) فِيهِ) أي الله جل جلاله هو أعلم من كل أحد بما تخوضون فيه مندفعين في الكلام تطعنون فيّ وفي القرآن فتقولون فيّ ساحر وفي القرآن سحر مبين وتقولون فيّ مفتر وفي القرآن افتراء إلى غير ذلك من المطاعن والنقائص. (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ (٤) بَيْنَكُمْ) أي كفى بالله شهيدا عليّ وعليكم فيما أقول وفيما تقولون وسيجزي كلا بما عمل (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٥) لمن تاب فتوبوا إليه يغفر كفركم وخوضكم في الباطل ويرحمكم فإنه تعالى غفور لمن تاب رحيما بمن آمن وأناب. وقوله تعالى في الآية (٩) (قُلْ ما كُنْتُ (٦) بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) يأمر تعالى رسوله أن
__________________
(١) (لِلْحَقِ) اللام تعليلية. وليست للتعدية ، أي : قال الكافرون بعضهم لبعض لأجل رد الحق وإبطاله ، هذا سحر مبين ، والحق : القرآن ، يصفونه بالسحر حتى لا يؤمنوا به.
(٢) (أَمْ) هي المنقطعة المقدرة ببل ، والاستفهام أي : أيقولون افتراه والاستفهام وبل للإضراب الانتقالي من نوع إلى آخر من أنواع ضلالهم ، والاستفهام للنفي والإنكار معا.
(٣) (تُفِيضُونَ فِيهِ) أي : من قول الباطل والخوض في تكذيب الحق ، إذ الإفاضة في الشيء : الخوض فيه والاندفاع ، ومنه : أفاضوا في الحديث : إذا اندفعوا يقولون ، وأفاض الناس من عرفات إلى مزدلفة ، أي : اندفعوا.
(٤) إذ هو يعلم صدقي ويعلم أنكم مبطلون.
(٥) الغفور لمن تاب من عباده الرحيم بالمؤمنين.
(٦) البدع : الأول : والبديع كالبدع بكسر الباء مثل : نصف ونصيف ، وأبدع في كذا أتى بالبدع فيه أي بما لم يأت به غيره ، والبديع : صفة مشبّهة ، وهو من أسماء الله تعالى ، ومعناه : خالق الأشياء ومخترعها.