إلى ربهم وتزلفا إليه ليحرزوا رضاه عنهم وتلك غاية مناهم. وقوله (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (١) أي وكانوا في حياتهم يخافون يوم الحساب يوم العقاب يوما كان شره فاشيا منتشرا ومع ذلك (يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أي مع حبهم وشهوتهم له ورغبتهم فيه ، يطعمونه (مِسْكِيناً) فقيرا مسكنه الفقر وأذلته الحاجة ، (وَيَتِيماً) لا عائل له ولا مال عنده ، (وَأَسِيراً) سجينا بعيد الدار نائي المزار لا يعرف له أصل ولا فصل يطعمونهم ولسان حالهم أو قالهم يقول (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً) تجازوننا به في يوم ما من الأيام (وَلا شُكُوراً) ينالنا منكم. (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً) أي كالح الوجه مسودا ثقيلا طويلا لا يطاق. واستجاب الله لهم وحقق بفضله مناهم (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) العبوس القمطرير ، (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً) في وجوههم (وَسُرُوراً) في قلوبهم (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) على فعل الصالحات وعن ترك المحرمات (جَنَّةً وَحَرِيراً) ، وما سيذكر بعد في الآيات التاليات.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان نشأة الإنسان الأب والإنسان الأبن وما تدل عليه من إفضال الله وإكرامه لعباده.
٢ ـ حاستا السمع والبصر وجودهما معا أو وجود إحداهما ضروري للتكليف مع ضميمة العقل.
٣ ـ بيان أن الإنسان أمامه طريقان فليسلك أيهما شاء وكل طريق ينتهي به إلى غاية فطريق الرشد يوصل إلى الجنة دار النعيم ، وطريق الغيء يوصل إلى دار الشقاء الجحيم.
٤ ـ وجوب الوفاء بالنذر فمن نذر شيئا لله وجب أن يفي بنذره إلا أن ينذر معصية فلا يجوز له الوفاء (٢) بنذره فيها فمن قال لله على أن أصوم يوم أو شهر كذا وجب عليه أن يصوم ومن قال لله علي أن لا أصل رحمي ، أو أن لا أصلي ركعة مثلا فلا يجوز له الوفاء بنذره وليصل رحمه وليصل صلاته ولا كفارة عليه.
٥ ـ الترغيب في إطعام الطعام للمحتاجين إليه من فقير ويتيم وأسير.
__________________
(١) يقال استطار الحريق إذا انتشر قال حسان
وهان على سراة بني لؤي |
|
حريق بالبويرة مستطير |
قال قتادة استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.
(٢) ما يروى عن فاطمة وعلي رضي الله عنهما في مرض الحسنين وما نذر الله في شأنهما حديث موضوع باطل رده أهل العلم جملة وتفصيلا.