فلم يستجب له ولم يطعه فيما أمره به ودعاه إليه من الإيمان برسالة موسى وإرسال بني إسرائيل معه بعد الإسلام لله ظاهرا وباطنا. (ثُمَّ أَدْبَرَ) فرعون أي عن دعوة الحق رافضا لها (يَسْعى) في الباطل والشر (فَحَشَرَ) رجاله وجنده (فَنادى) أي ناداهم ليعدهم إلى حرب موسى (فَقالَ : أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) يعني أنه لا رب فوقه ، (فَأَخَذَهُ اللهُ) أي عذبه (نَكالَ) أي (١) عذاب (الْآخِرَةِ) أي الكلمة وهي قوله : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) ونكال الأولى وهي قوله (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) وبين الكلمتين الخبيثتين أربعون سنة فالأولى قالها في بداية الدعوة حيث ادعى أنه بحث واستقصى في البحث واجتهد وأنه بعد كل ذلك الاجتهاد لم يعلم أن للناس من قومه من إله سواه. وقوله تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ (٢) يَخْشى) أي فيما قص تعالى من خبر موسى وفرعون (لَعِبْرَةً) أي عظة لمن يخشى الله وعذاب الدار الآخرة فيؤمن ويتقي أي فيزداد إيمانا وتقوى.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تسلية الداعي إلى الله تعالى وحمله على الصبر في دعوته حتى ينتهي بها إلى غاياتها.
٢ ـ اثبات مناجاة موسى لربه تعالى وأنه كلمه ربه كفاحا بلا واسطة.
٣ ـ تقرير أن لا تزكية للنفس البشرية إلا بالإسلام أي بالعمل بشرائعه.
٤ ـ لا تحصل الخشية من الله للعبد إلا بعد معرفة الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء.
٥ ـ وجود المعجزات لا يستلزم الإيمان فقد رأى فرعون أعظم الآيات كالعصا واليد وما آمن.
٦ ـ التنديد والوعيد الشديد لمن يدعي الربوبية والألوهية فيأمر الناس بعبادته.
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣))
__________________
(١) النكل القيد قال تعالى (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) جمع نكل ويطلق النكال على العذاب والهروب منه وأخذ منه فعل نكل تنكيلا أي عذبه تعذيبا فنكال الأولى أي عذاب الأولى ونكال الآخرة عذاب الآخرة كما هو مبين في التفسير.
(٢) (لِمَنْ يَخْشى) : أي يخشى الله تعالى وهو المؤمن التقي إذ مثله النفسي هو الذي يجد العظة والعبرة فيما يعرض عليه من أحداث فاصلة أما الكافر فأنى له أن يسمع حتى يبصر؟