معنى الآيات :
قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) هذه الآيات الخمس من أول ما نزل من القرآن الكريم لأحاديث الصحاح (١) فيها فإن مما اشتهر في ذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يأتي حراء يتحنث فيه أي يزيل الحنث فرارا مما عليه قومه من الشرك والباطل حتى فاجأه الحق وهو في غار حراء فقال يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله ثم قال اقرأ قلت ما أنا بقارىء قال فأخذني فغطني ثلاث مرات حتى بلغ مني الجهد ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق فقرأت الحديث.
وقوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) يأمر الله تعالى رسوله أن يقرأ بادئا قراءته بذكر اسم ربه أي باسم الله الرحمن الرحيم وقوله (الَّذِي خَلَقَ) أي خلق الخلق كله وخلق آدم من طين و (خَلَقَ الْإِنْسانَ) من أولاد آدم (مِنْ عَلَقٍ) والعلق اسم جمع واحده علقة (٢) وهي قطعة من الدم غليظة كانت في الأربعين يوما الأولى في الرحم نطفة ثم تطورت إلى علقة تعلق بجدار الرحم ثم تتطور في أربعين يوما إلى مضعة لحم ، ثم إما أن يؤذن بتخلقها فتخلق وإما لا فيطرحها الرحم قطعة لحم وقوله (اقْرَأْ وَرَبُّكَ) تأكيد للأمر الأول لصعوبة الأمر واندهاش الرسول صلىاللهعليهوسلم للمفاجأة (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٣) أي وربك الأكرم هو الذي علم بالقلم عباده الكتابة والخط. وقوله (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) أي من كرمه الذي أفاض منه على عباده نعمه التي لا تحصى إنه علم الإنسان بواسطة القلم ما لم يكن يعلم من العلوم والمعارف وهذه إشادة بالقلم وأنه واسطة العلوم والمعارف والواسطة تشرف بشرف الغاية المتوسط لها فلذا كان لا أشرف في الدنيا من عباد الله الصالحين والعلوم الإلهيه في الكتاب والسنة وما دعوا إليه وحضا عليه من العلوم النافعة للإنسان.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير الوحي الإلهي وإثبات النبوة المحمدية.
٢ ـ مشروعية ابتداء القراءة بذكر اسم الله ولذا افتتحت سور القرآن ما عدا التوبة ببسم الله الرحمن الرحيم.
__________________
(١) منها حديث عائشة : أول ما بدىء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم الرؤيا الصادقة فجاءه الملك فقال أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم. رواه البخاري.
(٢) العلقة الدم الجامد والجمع علق ، والعلقة قطعة من دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه.
(٣) قيل سمي القلم قلما لأنه يقلم أي يقطع ، ومنه تقليم الظفر صح أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال. أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما يكون إلى يوم القيامة فهو عنده في الذكر فوق عرشه.