نحو أوديتهم التي بها مزارعهم ومنازلهم (قالُوا هذا عارِضٌ (١) مُمْطِرُنا) أي هذا سحاب يعرض في السماء ذاهبا صوب وادينا ليسقينا ، وهو معنى قوله (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) أي ممطر أراضينا المصابة بالجفاف الشديد. قال تعالى (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) أي ليس بالسحاب الممطر بل هو العذاب الذي طالبتم به لجهلكم وخفة أحلامكم ، وبيّنه بقوله (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) أي تحمل في ثناياها العذاب الموجع ، (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) تمر به فتهلكه (بِأَمْرِ رَبِّها) أي بإذنه وقد أتت عليهم عن آخرهم ولم ينج إلا هود والذين آمنوا معه برحمة من الله خاصة ، (فَأَصْبَحُوا لا (٢) يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) أي لا يرى الرائي إذا نظر إليهم إلّا مساكنهم خالية ما بها أحد. قال تعالى (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (٣) أي كهذا الجزاء بالدمار والهلاك نجزي المجرمين أي المفسدين أنفسهم بالشرك والمعاصي.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان سنة الله في الأمم في إرسال الرسل إليهم
٢ ـ وبيان مهمة الرسل وهي النذارة والبلاغ.
٣ ـ بيان سفه وجهل الأمم التي تطالب بالعذاب وتستعجل به.
٤ ـ بيان أن عادا أهلكت بالريح الدّبور ، وأن نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم نصر بريح الصبا كما في الحديث الصحيح.
٥ ـ بيان سنة الله تعالى في إهلاك المجرمين وهم الذين يصرون على الشرك والمعاصي.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ
__________________
(١) العارض : السحاب الذي يعترض جو السماء ، والاستقبال التوجه نحو الشيء ليكون قبالته.
(٢) قرأ الجمهور ومنهم نافع : لا ترى بالتاء المفتوحة ، وقرأ حفص وغيره (لا يُرى) بالياء والبناء للمجهول ، والمراد بالمساكن : آثارها وبعض الجدران الشاخصة منها.
(٣) في الآية دليل على إفساد الإجرام وأنه سبب كل هلاك ، وحقيقته : أنه إفساد الروح بالشرك والمعاصي فعلا وتركا.