بذلك مما لا يردّ ولا يخفى ، (وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يدين إلا بالحق ولا يخبر إلا بالصدق) بشهادة المعجز كما تقدم.
وقد ورد به القرآن الكريم ، قال تعالى بعد ذكر الفجّار : (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) [الانفطار : ١٦] والفجار يشمل الفساق والكفار بالإجماع ، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده من الآيات الآتي ذكرها في المسألة التي بعد هذه.
وكذلك السنة فإنّها دالة على ذلك (كما قد وردت به الأخبار) الصحيحة ، فمن جملة ذلك ما رواه أبو الدرداء (١) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يلقى على أهل النار الجوع ، فيعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيتذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب ، فيستغيثون بالشراب فيدفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد ، فإذا دنت من وجوههم شوى وجوههم ، فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم ، فيقولون : ادعوا خزنة جهنم عساهم يخففون عنا ، فيقولون لهم : ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا : بلى ، قالوا : فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ، فيقولون : ادعوا مالكا ، فيقولون : يا مالك ليقضي علينا ربك؟ فيجيب إنكم ماكثون ، (قال الأعمش : ثبت أن ما بين دعائهم وإجابة مالك لهم مقدار ألف عام) ، فيقولون : ادعوا ربكم فلا تجدون خيرا منه ، فيقولون : ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، قال : فيجيبهم : اخسئوا فيها ولا تكلمون ، فعند ذلك يئسوا من كل خير ، وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل» أخرجه الترمذي (٢).
__________________
(١) هو عويمر بن مالك بن قيس بن أمية الأنصاري الخزرجي ، أبو الدرداء صحابي من الحكماء الفرسان القضاة ، كان قبل البعثة تاجرا ، مات بالشام عام ٣٢ ه وروى عنه أهل الحديث ١٧٩ حديثا.
(٢) هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ، مثلث الفوقية والميم مضمومة ومكسورة ، نسبة إلى مدينة قديمة على طريق (جيحون) نهر بلخ ، سمع الحديث عن البخاري وغيره وكان ثبتا حجة ، وفاته بترمذ أواخر