ويحتجون لذلك بإجماع الصحابة ، حيث فزعوا إلى نصب إمام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما ظهر من اهتمامهم بتأدية هذا الأمر الواجب حتى اشتغلوا به عن تجهيز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقدّموه عليه وآثروه بالنظر ، ثم لما دنت الوفاة من أبي بكر اشتغل بذلك في مرضه وأمعن النظر فيه ، وعقد الولاية لمن يقوم بالأمر بعده ، ثم لمّا اتفقت قضية عمر جعل المهم له النظر في ذلك ، مع معاناته لأسباب الموت وصير الأمر شورى ، ولما اتفق مهلك عثمان انثال الناس إلى علي ـ عليهالسلام ـ وبادروا إلى بيعته من غير تراخ ولا مهلة ، وفي جميع هذه الأحوال لم يسمع من دان ولا عال أن قال : لا حاجة بنا إلى هذا ونحن في غنية عنه ، أو قال : ليس هذا بلازم لنا ولا واجب علينا ، ولا أنكر أحد قول أبي بكر : لا بد لهذا الأمر ممن ينظمه ويقوم به ، ولا قول غيره في هذا المعنى ، وهذا الدليل هو أقوى ما يعتمد عليه في وجوب الإمامة ، واستقواه كثير من العلماء ، وبنوا على أنه دليل قطعي برهاني ، وقد أورد عليه إشكالات ، وأجيب بجوابات نتركها الجميع اختصارا.
ومما استدلّ به على الوجوب ، قوله تعالى : (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] ونحوه ، وقد أجمعت الأمة على أن الحدود لا يقيمها إلا الإمام أو من ناب من قبله ؛ لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أربعة إلى الولاة : الحدود والجمعات والفيء والصدقات» فيجب نصب الإمام ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به ولم يرد الأمر مشروطا به فإنه يجب تحصيله ، وهذا الدليل هو الذي اعتمده القاسم بن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وأبو علي وأبو هاشم في بعض كتبهما ، ولسنا بصدد تصحيح المقالة في ذلك حتى نورد ما ورد عليه من الإشكالات وحلها ، إذ ليس ذلك إلا كالمقدمة لما قال المصنف من أن (الإمام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل علي بن أبي طالب) ، وهذا كلام أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وأكثر الزيدية ما عدا الصالحية منهم ، فذهبت هي والمعتزلة وسائر الفرق إلى أنه أبو بكر ، وتتفق الزيدية جميعا على أن عليا هو الأفضل والأولى بالإمامة ، (والدليل) لنا (على ذلك) النص والوصاية ، والتفضيل والعصمة ، وإجماع أهل البيت ـ عليهم