وإن كانت مشتركة كما ذكرتم ولم تسلموا ، سبق الرئاسة إلى الأفهام ، فإنه يجب حملها على كل معانيها الغير الممتنعة على قاعدة أئمتنا والجمهور بدليل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [الأحزاب : ٥٦] وهي من الله معظم الرحمة ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار.
ومما يوضح أن المراد بالولي الوالي للتصرف في أمورهم : أنّ الله تعالى أخبر أنه ولينا ، وإنما أراد بذلك أنه المالك للتصرف علينا ، ثم عطف رسوله فأثبت له من ذلك ما أثبت لنفسه من ملك التصرف على المؤمنين ، ثم ثلث بأمير المؤمنين ، فوجب أن يثبت له مثل ذلك ليصح معنى العطف في الكلام ، كما أن القائل إذا قال : رأيت زيدا وعمرا أفاد رؤية عمرو كما يقضي أول الكلام برؤية زيد.
قال الإمام عز الدين ـ عليهالسلام ـ : هكذا قرره الفقيه حميد ، وهو كلام جيّد.
وأما الأصل الثالث : وهو أن ذلك معنى الإمامة : فالذي يدل على ذلك أنا لا نعني بالإمامة إلا الرئاسة في أمور مخصوصة ، وهذا واضح والذي يمكن الخصم أن يقول هاهنا أن الآية وإن اقتضت ثبوت ولاية له ـ عليهالسلام ـ ، فإنها اقتضت ولاية مطلقة وتصرفا مطلقا ، وليس تقتضي الولاية في الأمور المخصوصة ، وليس يلزم من ثبوت الولاية المطلقة ثبوت الولاية المقيدة كما لا يلزم من ثبوت الولاية في النكاح ثبوت الولاية التي هي الإمامة ، ويمكن الجواب : أنها إذا اقتضت ثبوت الولاية المطلقة لشخص معين اقتضى ذلك عموم الولاية في كل شيء ، إلا ما خصه الدليل والإجماع ، وقد أخرج ما عدا هذه الأمور المخصوصة بالإمامة ، حتى لو لا الإجماع لثبتت له الولاية في أمور المسلمين كلها دينها ودنيويها.
(و) أما الدليل الثاني مما يدل على إمامته ـ عليهالسلام ـ : (ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لعلي (١) يوم غدير خم) لما قفل من حجة الوداع ونزل بواد
__________________
(١) صواب العبارة : في علي.