ولما كانت النسخة التي عثرت عليها هي مسودة التأليف ـ أعني نسخة الإمام بخط يده ـ رأيت أن من الصواب إخراجها ونسخها ، ثم رسمها ونشرها لتخرج إلى رواد علم الكلام ؛ لأن ذلك من المعاونة على البر.
ولكون النسخة المشار إليها قد اخترم من أولها خطبة الكتاب وسقط من أصل المسائل بعض صفحات ، من المسألة الأولى بعض الرد على أهل النجوم ، والمسألة الثانية (مسألة قادر بكمالها) وبعض (مسألة عالم) فقمت بإكمال ذلك النقص لتمام الفائدة ، فإن سهل الله تعالى بنسخة كاملة ، وصلنا كلام المؤلف بعضه ببعض ، وإلا فليس لي من قصد إلا إفادة الطالب والأجر من الله تعالى.
وأول كلام الإمام عليهالسلام دعاءه للشارح المحقق بقوله عليهالسلام :
عمر (١) الله به ربوع (٢) المدارس وقوّم به أركان (٣) العلم الدارس (٤) ، فشفى بشرحه عليل مهج (٥) الصدور ، وأزرى بمقاله حسن كل مصدور ، وجمع من علوم الآل شتاتا ،
__________________
(١) ابتدأ كلام الإمام ـ عليهالسلام ـ ، قوله : عمر الله به ... إلخ. ولعل المراد القاضي العلامة أحمد بن يحيى حابس ـ رحمهالله ـ.
وهو القاضي شمس الدين أحمد بن يحيى حابس الصعدي ، قرأ قراءة نافعة على شيوخ زمنه ، منهم القاضي سعيد بن صلاح الهبل ، ورحل إلى الإمام الأعظم القاسم بن محمد ـ عليهالسلام ـ وانتفع بعلومه ، وأخذ على العلامة داود بن الهادي وغيرهم ، وله من الإمام القاسم إجازة عامة ، وله مؤلفات : شرح الكافل وشرح الثلاثين المسألة ، والمقصد الحسن ، وشرح تكملة الأحكام ، والتكميل كتاب جامع حافل كمّل به شرح ابن مفتاح على الأزهار ، وكتاب سلوة الخاطر ، وله تلامذة أجلاء ، وتولى القضاء بصعدة ، والخطابة بجامع الإمام الأعظم الهادي ـ عليهالسلام ـ وإمامة الصلاة ، وكان يسميه العلامة المفتي ـ رحمهالله ـ المحقق ، توفي رابع ربيع الأول سنة ١٠٦١ ه. إحدى وستين وألف ، وقبر في مقابر سلفه ـ رحمهالله ـ.
(٢) جمع ربع ، والربع الدار بعينها حيث كانت ، وجمعها رباع وربوع وأرباع وأربع ، والربع أيضا المحلة ، تمت. مختار صحاح.
(٣) ركن الشيء جانبه الأقوى ، تمت. مختار.
(٤) درس الرسم عفا وبابه دخل ، ودرس الثوب خلق ، وبابه نصر ، تمت. مختار.
(٥) المهجة الدم ، وقيل : دم القلب خاصة ، وخرجت مهجته أي روحه ، تمت. مختار.