وفائدة إقحام (١) لفظ اسم ما في ذلك من التعظيم لله عزوجل حيث كان من التيمن باسم الذات ، فكيف بالذات؟ و (الله) اسم للواجب الوجود جل وعلا الحقيق بجميع المحامد ، و (الرحمن) اسم لذلك الجلال شرعا ، و (الرحيم) كذلك ، فهما حقيقتان دينيتان عرفيتان منقولتان من وصف للمبالغة.
اعلم : أن من ألّف مؤلفا ينبغي له أن يقدم مقدمة تعين الطالب ، ويكون بها على بصيرة ، وبعضهم يذكر فيها تعريف العلم وموضوعه وغايته (٢) واستمداده وحكمه ، وبعضهم يقتصر على الحد ، ونحن نذكر تعريفه واستمداده والغرض منه وفائدته.
أما تعريفه : فهو علم يعرف به كيفية الاستدلال على واجب الذات وما له من الصفات.
واستمداده من العقل بواسطة النظر في الآثار من أدلة الأنفس والآفاق ، كما قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) [فصلت : ٥٣] وكذلك النظر في كتاب الله عزوجل ، وما صح عن رسوله كما جاء في الحديث المرفوع : «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله والتدبر لكتاب الله والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل ، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال مال به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال» (٣) والغرض منه الفوز بالسعادات الباقيات الدائمات.
وفائدته : التمسك بأصل عرى الإيمان لمعرفة الملك الديان ، وهو العلم به ، وما يجب له ويجوز عليه ، وما يتوسط في أثناء ذلك من الزيادات لرابطة ما.
ثم اعلم : أن كل علم يشرف بشرف معلومه ، ويعظم نفعه بحسب الحاجة إلى مفهومه ، فمن هنا كان علم التوحيد رأس العلوم ؛ لأن معلومه الله الحي القيوم ، ولأنّ به
__________________
(١) أي إدخال يقال : أقحم فرسه النهر أي أدخله ، تمت.
(٢) الغاية : مدى الشيء ، تمت.
(٣) أخرجه الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني في الأمالي ص ١٤٨.