والقتال ، أو بما يقوم مقامه من المواقف التي يعلم بها ثبات القلب كما روي في مواقف زيد بن علي مع هشام بن عبد الملك (١) ، والذي يدل على وجوب اعتبار الشجاعة أن الأمة أجمعت على ذلك ، وإجماعها حجة واجبة الاتباع.
(و) الخامس (السخاء) فلا بد أن يكون سخيا سخاء متوسطا ، فلا يكون معه من الشح ما يمنعه من وضع الحقوق في مواضعها ويؤدّي إلى البخل المؤدي إلى التقتير الذي نهى الله عنه ، ولا يكون معه من الكرم ما يضيّع به أموال المسلمين فيتضرر أهل الحقوق بفواتها ، ويتطلب هو الشيء وقت الحاجة فلا يجده ، وإنما اشترط السخاء ؛ لأنه لو لم يكن سخيا لانتقض الغرض بإمامته ؛ لأن من جملة ما تراد له الإمامة أخذ الحقوق ووضعها في مستحقها ، ومهما لم يكن كذلك بطل الورع ، والدليل قد دل على وجوبه ، قيل : ولدخوله في الورع لم يعده بعضهم شرطا مستقلا.
(و) السادس القوة على (تدبير الأمر) وقد فسّر ذلك بأمرين : أحدهما : السلامة من الآفات ، فلا يكون أعمى ولا أصم ولا أبكم ؛ لأنه إذا كان كذلك انتقض الغرض بإمامته ، إذ لا يتمكن مع ذلك من ضبط الجنود وتقويم أود العساكر ، والاهتداء إلى مصالحهم ونظم أمورهم وغير ذلك من مباشرة الأمور المتعلقة به ، والإجماع على اعتبار ذلك فيه.
وقيل : أن يكون ذا رأي سديد وتدبير مفيد ، فإنّ فقد الرأي الصائب ، يجلب المصائب ، فلا بد أن يكون معروفا بحسن السياسة.
قال الإمام يحيى : وحاصله أن يكون ذا رأي ومكانة بتدبير الحرب والسلم ويشتد في موضع الشدة ، ويلين في موضع اللين ، ولا يلزم أن يكون بالغا في العلم والأناة كل
__________________
(١) هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي ، ولد سنة ٧١ ، وبويع له بالخلافة بعد وفاة أخيه يزيد بن عبد الملك سنة ١٠٥ ، كان بخيلا ظالما ، وما وقع بينه وبين الإمام زيد بن علي ـ عليهالسلام ـ مشهور في التواريخ ، هلك سنة ١٢٥.