الغاية ، فإن هذا متعذر ، ولكن يكون بحيث لا يستفزه الطيش ولا يزعجه الفشل.
ومما أهمله المصنف من الشروط أن لا يكون ذلك الخليفة مسبوقا ، بأن يكون قد دعا قبله صالح للإمامة ، وهو مبني على ما ذهب إليه الجمهور من الزيدية والمعتزلة وغيرهم من أنه لا يصلح قيام إمامين معا في عصر واحد ، ولا قيام المتأخر منهما ، وقد خالف في ذلك عباد بن سليمان (١) ومحمد بن سلام الكوفي ، وعزاه في الإبانة إلى كثير من السادة والعلماء ، والحجة على منع ذلك إجماع الصحابة ؛ لأنهم رجعوا إلى ذلك بعد الاختلاف وقرروا ما قاله عمر : سيفان في غمد لا يصلحان ، سمعه بعضهم ولم ينكره الآخرون فكان إجماعا ، واحتج على ذلك بإجماع أهل البيت عليهمالسلام ، فإن الظاهر منهم أنهم كانوا ينقادون لقائمهم عند قيامه ولا يظهر عنهم جواز إمامة غيره.
وأما ما ذهب إليه الناصر ـ عليهالسلام ـ وهو أحد قولي (م بالله) وهو مذهب الجاحظ وعباد ، فكلهم يشترطون تباعد الديار وقطع سلاطين الظلم بينهما ، فقد قال الفقيه حميد في رده : لو جاز ثبوت الإمامة لإمامين إذا تباعدت الديار وجب مثله إذا تقاربت ، كما في القضاة والأمراء ، بل تجوز إمامة كثير في عصر واحد ، وذلك فاسد ، وكان يجب إذا التقيا أن لا تنفسخ إمامة أحدهما ؛ لأن في الإمكان رجوعه إلى مستقرّه ، ولا خلاف أن إمامة أحدهما تنفسخ عند ذلك ، انتهى قول الفقيه.
قلت : ولا يخفى أن قياس البعد على القرب بعيد جدّا ، وكيف يقاس ما الغالب معه عدم التناقض الذي هو موجب لبطلان القول بإمامين على ما الغالب معه التناقض في الأحكام ، وأيضا فإنه قد أشار إلى ذلك عمر بقوله : في غمد ، إذ مع التباعد لا يكونان في غمد ، وأيضا فلا يبعد إجماع الصدر المتأخر على القول بذلك كما لا يخفى ، فإن من ببلاد الجيل والديلم ونحوهما لا يتفوه بخطئه في قيامه على من باليمن وكذلك العكس ،
__________________
(١) عباد بن سليمان الصيمري من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة ، له مؤلفات كثيرة ، وهو من أصحاب هشام الفوطي ، وله كتاب الأنوار نقضه أبو هاشم ا. ه. طبقات المعتزلة والمنية والأمل للمهدي ـ عليهالسلام ـ.