والمانع الذي منع منه في الجهات المتقاربة منتف مع التباعد.
وأما الشرط الثاني عشر : وهو أن الإمامة في أولاد الحسنين.
فقد اختلف الناس في ذلك ، فقال به أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ إلا من ذهب مذهب الإمامية منهم والجارودية ، ومنعه أكثر الناس المعتزلة والصالحية (١) من الزيدية والخوارج والمجبرة وسائر الفرق الإسلامية.
(والدليل على ذلك) وهو القول بأن الإمامة محصورة في أولاد البطنين دليلان شرعيان : أحدهما : إجماع العترة على ذلك ، وإجماعهم حجة ، وإنما قلنا : إنهم أجمعوا على ذلك ؛ لأنه هو الظاهر من مذهبهم المشهور في كتبهم.
فإن قيل : كيف يصح إجماعهم مع أن فيهم إمامية يدّعون قصرها في أولاد الحسين؟
قلنا : إن مذهب الإمامية في العترة حادث ، وقد سبق انعقاد الإجماع في الصدر الأول على جواز الإمامة في البطنين ، فلا يعتد بخلاف من يخالف منهم ، وذلك الإجماع ظاهر من حالهم ، فإنهم كانوا يطبقون على إمامة القائم منهم حسنيا أو حسينيا ، ولذلك لم يخالف أحد منهم في إمامة النفس الزكية محمد بن عبد الله (٢) ، ولا في إمامة أخيه إبراهيم (٣) ولا في إمامة الفخي (٤) وكلهم من أولاد الحسن.
__________________
(١) الصالحية : هم أصحاب الحسن بن صالح ، ذهبوا إلى أن الإمامة تصح بالعقل كقول المعتزلة ، وتصح الإمامة عندهم في المفضول ، ويقولون بإمامة الشيخين مع أولوية علي ـ عليهالسلام ـ عندهم ا. ه.
(٢) النفس الزكية : هو الإمام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهمالسلام ـ أحد رواد الثورة ضد الظلم ، كان غزير العلم واسع المعرفة ، وفيه شجاعة وحزم وسخاء ، ولد بالمدينة سنة ٩٣ ه ، بايعه الكثير من سائر الاتجاهات الفكرية ، واستشهد سنة ١٤٥ ه.
(٣) إبراهيم بن عبد الله : هو الإمام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهمالسلام ـ شقيق النفس الزكية محمد بن عبد الله ، مولده سنة ٩٥ ، دعا بعد قتل أخيه محمد سنة ١٤٥ ، وبايعته المعتزلة مع الزيدية مع الزيدية فضلاء الأمة ، استشهد في أيام أبي جعفر الدوانيقي في ذي الحجة من سنة دعوته وعمره خمسون سنة ، وهو قتيل باخمرى ، وترجمته وأخباره مستوفاة في كتب التاريخ.
(٤) هو الإمام الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام المعروف