قال في العمدة : وذلك معلوم ضرورة من حالهم لمن عرف الآثار وسمع الأخبار فلا معنى لمباهتة الإمامية في شيء منه ، وأيضا فإن خلاف الإمامية ليس في محل النزاع ، وهو عدم جواز الإمامة في غير أولاد الحسنين ، بل هم موافقون في ذلك ، وإنما بالغوا فيه فقصروها على بعضهم ، فإذا لا خلل في دعوى الإجماع على محل النزاع.
الدليل الثاني : (أن الأمة قد أجمعت على جواز الإمامة في ولد البطنين بعد قيام الدليل) القاطع (على بطلان قول أصحاب النص من الإمامية) وذلك بما قدمناه من الإجماع من الصدر الأول على خلافه ، وذلك لأنهم إنما عولوا على النص بأن الإمامة لا تجوز إلا في عدد مخصوص من أولاد الحسين ، وإذا ثبت بطلانه بإجماع العترة السابق سقط ما بنوه عليه ؛ لأن العترة وكذلك الأمة إذا افترقت في المسألة على قولين ثم ثبت بطلان أحدهما تعين الحق في القول الآخر ؛ لأنه لو بطل مع بطلان الأول لأدّى إلى خروج الحق عن أيدي الأمة بموجب أنهم قد صاروا كلهم قائلين بقولين باطلين في مسألة واحدة وخروج الحق عن أيديهم يبطل كون إجماعهم حجة واجبة الاتباع ، وهذا التقرير كاف في بطلان قولهم.
وإنما قلنا : إن الأمة أجمعت على ذلك لأن من أجازها في جميع الناس فقد أجازها فيهم ؛ لأنهم خير الناس ، ومن أجازها في قريش فقد أجازها فيهم ؛ لأنهم خير قريش ، (ولا شك أنه قد اختلف فيمن عداهم) ولم يدل دليل على جوازها فيه ، فإن الخلاف لمن قال بجوازها في سائر الناس ظاهر بل لا يبعد أن يقال : إنه مخالف لإجماع الصحابة ، وأما الخلاف لمن قال : بجوازها في قريش دون من عداهم ، فإنه للعترة عليهمالسلام ، فإنهم يقولون بجوازها فيهم ، وعدم جوازها في غيرهم ، (و) إذا كانت الأمة قد أجمعت على ذلك فإن (إجماعهم حجة واجبة الاتباع).
فإن قيل : إن إجماع من عدا أصحاب النص ليس إجماعا على محل النزاع ، وهو
__________________
بالفخي ولد عام ١٢٨ ه ودعا إلى الله تعالى في المدينة سنة ١٦٩ ه زمن موسى العباسي الملقب بالهادي ، واستشهد بالحرم يوم التروية سنة ١٦٩ ه نفح ودفن بها صلوات الله عليه.