فإن قيل : لا نسلّم أن الأصل عدم الجواز ، بل الأصل بعد ثبوت وجوب الإمامة ، ولزوم نصب الإمام جوازها فيمن صلح لذلك وحصل بقيامه وانتصابه الغرض المقصود منها ، فإذا كان المقصود من الإمامة حفظ بيضة الإسلام وحماية سرحه أن يضام ، وسد الثغور ، ونظم أمور الجمهور ، وإقامة الجمع والحدود ، ونصب الحكّام ، وقبض أموال الله وصرفها في مصارفها ، وأداء فريضة الجهاد ، وإجراء جميع ما ذكر على القوانين الشرعية والقواعد النبوية المرضية ، فمن المعلوم أن ذلك لا يتوقف على منصب مخصوص ولا يتعذر فيمن صلح له من غير أهل البيت ، فيعلم جواز إمامة من صلح لذلك منهم ومن غيرهم ، ويكون ذلك هو الأصل المرجوع إليه إلا لدليل ينقل عنه ، وقد ادّعى الإمام المهدي ـ عليهالسلام ـ أن قيام الدليل الشرعي على وجوب الإمامة كما يدل عليه ، فهو يدل على جواز نصب كل من صلح للقيام بالمقصود منها ، ويحصل العلم بذلك ، قرشيا كان أو غيره ، هاشميا كان أو غير هاشمي.
قال : وهذا دليل مستقل يدل على جوازها في غيرهم وينقض ما ذكره أصحابنا من أنه لا دليل عليه ، وذكر أنه لا وجه للأصحاب يدفعونه به؟
والجواب والله الموفق : أن ذلك مستقيم لو لم يعتبر الشارع المنصب ويلحظ إليه ، أما وقد اعتبره والتفت إليه فلا إشكال (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) [الأنبياء : ٢٣] ودليل اعتباره ما وقع من احتجاج الصحابة يوم السقيفة بالقرب من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكونهم من قريش مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الأئمة من قريش ..» الخبر ، وإجماع العترة عليهمالسلام المتقدم على قصرها فيهم عليهمالسلام فيضمحل مع ذلك السؤال وينطوي ذكر القيل والقال ، فصح ما قاله المصنف (فثبت بذلك حصرها فيهم عليهمالسلام دون غيرهم من الناس) ، والله ولي التوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال المصنف : (وهذه ثلاثون مسألة في أصول الدين يجب على المكلف المصير فيها إلى العلم اليقين ، لا يجوز لأحد من المكلفين فيها التقليد لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من