قطعا ، وبهذا جزم الإمام (ي) ـ عليهالسلام ـ (١) فلا يجب النظر على هؤلاء ، وكذا لا يجب النظر عند من قال بجواز التقليد (٢) في الأصول كأبي (٣) القاسم (٤) وأبي إسحاق بن عياش (٥) وغيرهما ، ولا يجوز عند من قال إن النظر يؤدي إلى الشك والحيرة ، وكذا لا يجب عند أهل التكافؤ القائلين بأن الأدلة متكافئة ، وعند أهل السمع القائلين بأنه لا طريق إلى العلوم الدينية إلا السمع ، وأهل الظن وأهل البدعة القائلين بأن الإسلام لم يرد إلا بالسيف وأن النظر بدعة.
__________________
(١) هو الإمام المجاهد : يحيى بن حمزة بن علي الهاشمي الحسيني الموسوي ، جبل العلم ، وطراز الفضل وواحد علماء اليمن ، قال الجنداري في عده لكتب الإمام يحيى : كم نصر بانتصاره العلماء ، واعتمد على عمدته الفقهاء ، وشمل بشامله فنون الكلام ، وصان بتحقيقه علماء الإسلام ، وحوى بحاويه دقائق الأصول ، وعبر بمعياره حقائق المعقول ، وأزهر بأزهاره حدائق الكافية ، وحمل بمنهاجه الجمل الوافية ، وحصر بالحاصر ما جمعه في مقدمته طاهر ، ووشح بالمحصل ما أبهمه صاحب المفصل ، وطرز بالطراز علم الإعجاز ، وسهل بالإيجاز إلى علم البيان المجاز ، وأيد بالمعالم الدينية مذاهب الفئة العدلية ، وأوضح بالنهاية طرق الهداية ، ووزن بالقسطاس أقدار العلماء من الناس ، وأغنى بالاقتصار طالب النحو عن الاكتثار ، وصفى بالتصفية من الموانع المردية قلوبا كانت قاسية ، ونور بأنواره المضيئة طرق الأربعين السيلقية ، وكشف بسفره الوضي دقائق كلام الوصي ، وأزاح بعقد اللآلي ما زخرفه في حل السماع الغزالي ، وقطع بالقاطع للتمويه ما يرد على الحكمة والتنزيه.
مولده ـ عليهالسلام ـ : بحوث في صفر سنة ٦٦٧ ه وقام ودعا سنة ٧٢٩ ، وتوفي بحصن هران سنة ٧٤٩ ه ، من مشايخه محمد بن عبد الله بن خليفة مصنف الجوهرة وغيره ، وأخذ عنه أحمد بن سليمان الأوزري محدث اليمن ، والفقيه حسن النحوي سمع عليه الانتصار كاملا ، وهو في ثمانية عشر مجلدا ، وقد اختصره الإمام المهدي ـ عليهالسلام ـ في البحر الزخار ، وهو الآن قيد التحقيق والطبع ، قبره في ذمار مشهور مزور ، انتهى.
(٢) قال الإمام عز الدين ـ عليهالسلام ـ في المعراج : قال الحاكم في شرح العيون : قال أبو هاشم : المقلد يستحق عقوبتين : أحدهما : لكونه أقدم على ما لا يأمن كونه جهلا ، والثانية : على ترك النظر ، وكل واحدة من المعصيتين كبيرة.
(٣) قال في المعراج : تنبيه : قال في المحيط : إن أبا القاسم أراد بما يذهب إليه في التقليد أن المعارف الجملية كافية ، وإن لم يتمكن من تحرير الأدلة والحجاج ، بل إذا حصل له العلم على الجملة كفى ، وهو أن يعلم أن للعالم محدثا ، وأن من صح منه الفعل فهو قادر ونحو ذلك. إلخ كلام الإمام ـ عليهالسلام ـ ، تمت.
(٤) هو : أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي ، من معتزلة بغداد ومن الطبقة الثامنة ، وكان فاضلا قائما بجميع العلوم ، ولد ببلخ ، وتوفي سنة ٣١٩ ، وقيل : سنة ٣٢٢.
(٥) إبراهيم بن عياش النصيني البصري المعتزلي ، قال في المنية والأمل : كان من الورع والزهد والعلم على حد عظيم ، وهو من الطبقة العاشرة من المعتزلة ، وله كتاب في إمامة الحسنين ، وكتب أخرى حسان ، وهو أحد الذين تتلمذ عليهم القاضي عبد الجبار.