والفلاسفة المتقدمين ، والطبائعية (١) ، والذي عليه أهل الإسلام والكتابيون والبراهمة (٢) وبعض عبّاد الأصنام ، وهم فرقة أقرت بالله وبالبعث وبالرسول ، وعبدوا الأصنام معتقدين أن عبادتهم تقربهم إلى الله تعالى أن لهذا العالم صانعا مختارا.
(والدليل على ذلك) المذهب الصحيح الذي هو مذهب أهل الإسلام ومن تابعهم من وجوه كثيرة ، اعتمد منها على دلالة الأكوان وطريقة الدعاوي (٣) ، وأول من حررها ولخصها قيل : أبو الهذيل (٤) وتابعه عليها من بعده من المعتزلة.
وذكر الشيخ أحمد بن محمد الرصاص (٥) : أن أول من أشار إليها إبراهيم ـ صلى الله عليه ـ كما حكى الله عنه في آية الأفول ، وهو (أن هذه الأجسام) على تنوعها من حيوان وجماد ، ونام وغير نام (محدثة) والمحدث : هو الموجود الذي لوجوده أول (والمحدث لا بد له من محدث) وقالت الدهرية : بل هي قديمة لم يسبق وجودها عدم ، ولا يخالفون في تراكيبها كالحوادث اليومية أنها محدثة (والذي يدل على) إبطال مذهبهم (أن هذه الأجسام محدثة أنها لم تخل من الأعراض المحدثة) ولم تتقدمها ،
__________________
(١) الطبائعية : كل من أضاف التأثير إلى الطبع ، منهم الفلاسفة ، فإنهم جعلوا العالم صادر عن علة قديمة بالطبع.
(٢) البراهمة : رؤساء فرق الكفار بالهند.
(٣) هذه الأصول تسمى دعاوي لوجود المنازع في كل أصل منها ، وحقيقة الدعوى : هي الخبر الذي لا يعلم صحته ولا فساده إلا بدليل مع خصم منازع ، واعلم : أن دليل الدعاوي هو المعتمد في إثبات الصانع وإن كان هنالك أدلة كثيرة ، لكن عليها من السؤالات والأنظار ما يصعب الجواب عنه إلا بالرجوع إلى هذا الدليل ، هكذا ذكره بعضهم ، تمت.
(٤) هو محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العلاف ، شيخ البصرة من كبار المعتزلة ، سمي بالعلاف ؛ لأن داره بالبصرة كانت عند سوق العلف ، ولد سنة ١٣١ ه وأخذ الكلام عن عثمان الطويل ، وعثمان عن واصل ، وروى الحديث عن محمد بن طلحة ، وأخذ عنه الكلام أبو يعقوب الشحام وليس بذاك في الرواية ، قال ابن خلكان : له مجالس ومناظرات ، وهو من موالي عبد القيس ، حسن الجدل ، قوي الحجة ، كثير الاستعمال للأدلة الالزامية ، وقال الحاكم : أسلم على يده سبعة آلاف نفس ، توفي بسامراء سنة ٢٣٥ ه على الأصح.
(٥) هو أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد الرصاص ، عالم متبحر من أكابر العلماء ، له شيوخ من أكابر العلماء كالشيخ محيي الدين القرشي ، والشهيد حميد وغيرهما ، وله مؤلفات الجوهرة والوسيط وغرة الحقائق وكتاب الشجرة وغيرها ، بغى على المهدي أحمد بن الحسين وكان ما كان ، وقد قيل : أنه تاب.