الأعراض صفات للجسم بالفاعل.
وقد قيل (١) : أن نفات الأعراض لا ينفون الصفات إذ هي ضرورة فيكون مذهبهم ومذهب أبي الحسين ومن معه مذهبا واحدا.
قال ابن زيد (٢) : ومذهب أبي الحسين مذهب القاسم والهادي ، لنا على ثبوت الأكوان (التي هي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق) أن الأجسام اتفقت في الجوهرية والتحيز والوجود ، ثم افترقت في الحركة والسكون والاجتماع والافتراق ، فلا بد أن يكون ما افترقت فيه ، أمرا زائدا على ما اتفقت فيه ، وإلا كانت متفقة مختلفة في أمر واحد وهو محال.
وأما الدليل على إثبات المعاني وأن هذه الصفات موجبة عنها : هو أن الجسم حصل في جهة مع جواز أن يحصل في غيرها ، والحال واحدة والشرط واحد ، فلا بد من أمر له حصل كذلك ، وذلك الأمر ليس إلا وجود معنى ، والمراد بالحال (٣) هاهنا : ما يصحح
__________________
الفائقة منها : المعتمد في أصول الفقه ، نشره المعهد الفرنسي بدمشق ، ومنه أخذ الرازي كتاب المحصول ، وله تصفح الأدلة في مجلدين ، وغرر الأدلة في مجلد كبير ، وشرح الأصول ، وكتاب في الإمامة ، وانتفع الناس بكتبه ، سكن بغداد وتوفي بها يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الآخر سنة ٤٣٧ ه.
(٦) محمود بن الملاحمي الخوارزمي يقال له تارة : ابن الملاحمي ، وطورا : بالخوارزمي ، وهو من تلاميذ القاضي عبد الجبار ، توفي سنة ٥٣٢ ه.
(١) القائل شارح الأساس. العلامة الشرفي ـ رحمهالله ـ.
(٢) هو عبد الله بن زيد بن أحمد بن الحسين العنسي ، ولد عام ٥٩٣ ه. ناصر الإمام المهدي أحمد بن الحسين ـ عليهالسلام ـ ، من مشايخه الأمير بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ، وله المؤلفات العظيمة النافعة كالمحجة البيضاء والإرشاد وغيرهما.
(٣) قد حقق المؤلف ـ رحمهالله ـ الحال على اصطلاح المعتزلة ، ونزيد كلامه ـ عليهالسلام ـ إيضاحا تمشيا على مصطلح القوم ، فنقول : قال في الكوكب الوهاج شرح المنهاج للعلامة البكري ـ رحمهالله ـ : أن الحال في أصل اللغة يستعمل في التغير يقال : حال إذا تغير ، قال الشاعر :
لإن كان إياه لقد حال بعدنا |
|
عن العهد والإنسان قد يتغير |
ولهذا قيل في السنة حول لتغيرها ، وقيل : لو لم يحل ما سميت حولا ، أي لو لم تتغير ، ويستعمل في العرف فيما عليه الشيء من ثبوت أو نفي خيرا أو شرا ، ولهذا استعملوا المحاولة ، وأما في الاصطلاح فالحال بالمعنى الأعم : هو الصفة بالمعنى الأخص ، وحقيقته مطلقا : هو كل أمر زائد على الذات راجع إلى الإثبات مقصور في العلم ـ