الصفة المعنوية وضدها ، أو ما يجري مجرى ضدها إن كان ، وذلك كالتحيز مثلا فإنه المصحح لكونه مجتمعا ولكونه مفترقا ، ونريد بالشرط (١) هاهنا : ما كان مصححا لهذه الحال وتحرير هذا الدليل في المطولات والغرض الاختصار.
وأما من قال : إنا لا نعقل إلا الصفات كأبي الحسين وغيره (٢) : فنقول : الحاصل لا يخلو إما أن يكون جسما أو معنى أو صفة ، لا يجوز أن يكون جسما لوجهين :
أحدهما : أن الواحد منا ليس بقادر على الجسم ولا يقف على اختياره ، وكون الجسم متحركا يقف على اختيارنا.
الثاني : أن كون الجسم متحركا يتجدد ثبوته في حال بقائه ، ولا يجوز أن تكون معاني ؛ لأن المعاني تعلم على انفرادها ، وكون المتحرك متحركا لا يعلم على انفراده ، وإنما يعلم تبعا للعلم بذي الاحتراك ، فلم يبق إلا أنه صفة.
وأما الدعوى الثانية : وهي أن الأعراض محدثة فقد خالف في ذلك فرقة من الفلاسفة زعموا أنها قديمة ، ولكنها تكمن وتظهر ، وهؤلاء هم أهل الكمون والظهور ، قلنا : الدليل على حدوثها أنها تعدم والقديم لا يعدم ، أما أنها تعدم ، فلأنه متى سكن
__________________
به على الذات ، والحال في الصفة المعنوية : هو كل أمر يصحح الصفة المعنوية ونقيضها إذا كان لها نقيض كما نقوله في كون الواحد منا حيا ، فإنه مصحح لكونه عالما ولنقيضه وهو كونه جاهلا ... إلخ ا. ه.
(١) قوله : ونريد بالشرط هاهنا أي في الصفة المعنوية ، والشرط في أصل اللغة : العلامة ، قال تعالى : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) أي علاماتها. وأما في الاصطلاح فالشرط مطلقا : هو كل أمر وقف به عليه أمر آخر من دون واسطة ولا تأثير ، ا. ه. أفاده البكري في شرحه على المنهاج.
(٢) قد استدل العلامة الشرفي ـ رحمهالله ـ في شرح الأساس بأدلة واضحة جلية على نفي المعاني ، قال رحمهالله : وأرادوا بالأكوان والعلم والقدرة المعاني التي زعموها في الأجسام الموجبة بزعمهم ، نحو الحركة والسكون ، والعلم الموجب للعالمية ، والقدرة الموجبة للقادرية ، وقد مرّ إبطالها في فصل المؤثرات ، وأيضا فإنا لا نجد طريقا إلى العلم بالكون الذي زعموه مؤثرا في الحركة والسكون ونحوهما ، وإنما نجد المؤثر فيهما الفاعل ؛ لأن الطرق التي توصل إلى العلم بالأشياء إما العقل أو الحواس الظاهرة ، أو درك النفوس ، أو دليل الشرع ، فمن ادعى علم شيء من غير هذه الطرق فقد أحال ، وهذا الكون الذي زعموه لا يدرك بأيها ، فبطل وجوده فضلا عن تأثيره ... إلخ.